الباب السادس
هذه العلل ـ أعني الزكام والبحوحة والنوازل والسعال وما أشبه ذلك ـ تتولد في أكثر الأمر (١) من رطوبة فضلية تنصب من الدماغ ، فإن كان انصبابها إلى الأنف في المجاري المشاشية التي بين طرف الأنف وبين الدماغ ، سمي ذلك زكاماً. وإن كان انصبابها إلى مجاري الحلق والنغانغ (٢) سمي ذلك نزلة. وإن كان انصبابها يتجاوز ذلك حتى يصير إلى قصبة الرئة وما يلي الصدر ، سمي ذلك أيضا نزلة إلى الصدر.
فإن كان الفضل غليظا لزجا كان منه سعال شديد يقذف معه رطوبات فضلية ، وإن كان الفضل رقيقاً مائياً أحدث السعال الذي يسمى يابساً.
وهذه العلل قد تتولد من سوء مزاج حار وبارد جميعاً. فأما ما يتحرز به منها في وقت هبوب الرياح الحارة والباردة ، فقد وصفناه فيما تقدم.
وأما ما يتعالج به منها إذا حدثت واستحكمت ، فإنا نصفه الآن على أن كل ما وصفناه في التحرز من الزكام والنوازل من الروائح التي تستنشق ، قد ينتفع بها إذا استعملت بعد حدوث العلة منفعة بينة.
صفة البخورات التي تذهب بالزكام.
القراطيس إذا اشعلت بالنار ، وقربت من الأنف واستنشق دخانها دائماً ، أذهبت الزكام.
وكذلك السكر الطبرزد إذا احرق بالنار حتى يخرج منه دخان ، واستنشق دخانه نفع.
__________________
(١) في «ش» : الأحوال.
(٢) النغانغ : لحمات تكون في الحلق عند اللهاة وهي اللوزتان باستعمال العصر الحاضر. انظر «الصحاح ـ نغغ ـ ٤ : ١٣٢٨».