الباب التاسع
في إصلاح المياه الفاسدة.
فإن اضطر مضطر إلى أن يشرب شيئاً من هذه المياه الفاسدة ، التي قد غلب عليها بعض الجواهر الرديئة ، فينبغي أن يحتال لإصلاحها بما أصف ، ينبغي أولاً أن يطبخ طبخاً صالحاً أعني يغلى على النار ، وأن يمزج بعد الطبخ ببعض الأنبذة أو الأفشرجات (١) ، وأن يكون ما يمزج به من الأنبذة في ضد طعم الماء ، فإن كان الطعم مائلاً إلى القبض والبشاعة مزج بنبيذ حلو ، وإن كان مائلاً إلى الملوحة مزج بنبيذ قابض الطعم.
وما كان من المياه غليظاً من كدورة فيه ، فينبغي أن يصفى مراراً حتى يصفو ويذهب عنه كدره ، فإن جعلت الأسوقة أحد ما يصفى به ، كان ذلك صالحاً لأن الأسوقة من شأنها تصفية الماء وتعذيبه.
وما كان من المياه شديد البرد مفرطه فينبغي أن لا يشرب إلا بعد الطعام ، وأن يكون مصاً ليواقع المعدة والأعضاء الداخلة شيئا بعد شيء ، ولا يواقعها دفعة فيؤلمها.
وما كان من المياه ظاهر الرداءة ، فينبغي أن يطبخ فيه حمص ويؤكل الحمص ويشرب ماؤه ، أو يطبخ فيه رازيانج (٢) أو القرغ ، فيوكل الرازيانج والقرع ويشرب الماء.
ومن أحمد ما يؤكل من الأطعمة مما يذهب برداءة المياه الردية وضررها ، السلق والبقلة اليمانية والبقول التي معها تفتح ، مثل الرازيانج والكرفس والشبت والهندباء وما شابه ذلك.
فأما ما يذهب برداءة طعم الماء ، فالبلوط والشاهبلوط (٣) والحبة الخضراء (٤)
__________________
(١) الأفشرجات : واحدها الأفشرج وهو بالفارسية بمعنى الرُب اي المربى الذي يعمل من الفواكه وقت كثرتها ويدخر ، أنظر «الجامع ١ : ٤٦».
(٢) الرازيانج : نبات يستعمل في الطب أصله وورقه وبزره. «الجامع ٢ : ١٣٤».
(٣) الشاهبلوط : نوع من البلوط أقوى من البلوط أثرآً. «الجامع ١ : ١١٠».
(٤) الحبة ألخضراء : شجرة جبلية حبها أخضر ، وهو مدر للبول. «الجامع ١ : ٩٨».