الباب العاشر
في احتيال ما يذهب بالعطش عند عدم الماء أو قلته.
منافع شرب الماء في بدن الإنسان منفعتان. إحداهما ترطيب الغذاء الجاف اليابس لتهضمه المعدة ، والاخرى تبريد الحرارة المفرطة التي تحدث عن الحركات الشديدة والهواء الحار.
وقد يحدث العطش ـ أيضاً ـ من جفاف الفم واللهوات ، وفناء الرطوبة ـ التي ترطب أغشية الحنك وما يتصل به ـ من علة حادثة ، فيكون من ذلك عطش ، ولذلك يقال أن من قطعت لهاته لا يصبرعلى العطش البتة ، لأنه قد عدم العضو المولد للرطوبات ، التي يترطب بها الحنك وأغشية المعدة ترطيباً دائماً.
وقد يعرض العطش ـ أيضاً ـ من شرب نبيذ كثير ، فيحمي الجوف ويحرقه ، فيتولد عن ذلك عطش ، وتكون الحاجة عند ذلك من الماء إلى التبريد أكثر منها إلى الترطيب.
فأما العطش الذي يكون من أكل الأشياء المالحة ، فإنه يجتمع فيه المعنيان جميعاً ، أعني اليبس والحرارة ، إذ كانت الملوحة من شأنها أن تفعل ذلك.
فمن عدم الماء واحتاج أن يداوي نفسه لئلا يعطش ، فينبغي أولاً أن يقلل من الغذاء ، أو بأن يكون ما يغتذي به من الأغذية التي هي من جوهرها باردة رطبة ، كالبقول والفاكهة الباردة الرطبة. وأن يدهن بدهن الورد مبرداً ، وبغيره من الأدهان الباردة الرطبة.
وأقوى ما يستعمل في ذهاب العطش ، أن يلاك بزر الخس الأسود وأصل السوس وبزر القثاء ، كل ذلك إذا أمسك في الفم وقتاً طويلاً أذهب العطش.
وقد يتخذ أقراص تمسك في الفم فتمنع من العطش.
وصفتها : دواء يمنع من العطش.
يؤخذ بزر القثاء المقشر وزن ثمانية دراهم ، وكثيراء (١) وزن أربعة دراهم ،
__________________
(١) الكثيراء : رطوبة تخرج من أصل شجرة بجبل لبنان واسم شجرته طراعاقينا. «الجامع ٤ : ٥٢».