قلت أنا : وإذا كان الحلال عسراً ومتعذراً (١) في ذلك الزمان ، وهو قريب العهد بابتداء الإسلام والإيمان ، فكيف يكون حال الحلال والطعام مع اختلاف امور الحلال والحرام؟ وإنني لما رأيت الأمر قد بلغ إلى هذه الغايات ، رأيت أن الاستظهار بإخرج الخمس والحقوق الواجبات ، مما اختص به من سائر المهمات ، أقرب إلى النجاة والسلامة في الحياة وبعد الممات.
ثمّ إنني أقول عند المأكولات : اللهم إني أسألك بالرحمة التي سبقت غضبك ، وبالرحمة التي أنشأتني بها ولم أك شيئا مذ كوراً ، وبالرحمة التى نقلتني بها من ظهورالآباء وبطون الامهات ، من لدن آدم إلى هذه الغايات ، وقمت لهم بالكسوات والأقوات وألمهمات ، وبالرحمة التي وقيتني وسلفي مما جرى على الأمم الهالكة من النكبات والآفات ، وبالرحمة التي دللتني بها عليك ، وبالرحمة التي شرفتني بها بالخدمة التي تقربني إليك ، وبالرحمة التي حلمت بها عني عند جرأتي عليك ، وسوء أدبي بين يديك ، وبالمراحم والمكارم التي أحاط بها علمك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وعلى كل من يعز عليك ، وأن تنظر إلى طعامنا هذا بعين الرحمة والحلم والكرم والجود ، وتطهره من الادناس والأرجاس وحقوق الناس ، والحرامات والشبهات ، وتوصل في هذه الساعة إلى كل ذي حق حقه من الأحياء والأموات ، حتى تجعله طاهراً مطهراً ، شفاء لأدياننا ودواء لأبداننا ، وطهارة لسرائرنا وظواهرنا ، ونوراً لعقولنا ، ونوراً لأرواحنا ، وباعثاً لنا على طاعتك ، ومقوياً لنا على عبادتك ، واجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال ، وبكرمك عن السؤال.
ذكر الشيخ السعيد أبوعلي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب (الاداب الدينية) في الفصل الثامن قال :
قال الحسن بن علي عليهماالسلام : «في المائدة اثنتا عشرة خصلة ، يجب على كل مسلم أن يعرفها ، أربع منها فرض ، وأربع منها سنة ، وأربع منها تأديب.
فأما الفرض : فالمعرفة ، والرضا ، والتسمية ، والشكر.
__________________
(١) في «ش» و «ط» : أو متعذراً.