ركعات والعصر أربع ركعات ، فهذه أربع وعشرون ركعة ، فقنع الله ـ جل جلاله ـ منها بأربع ركعات : الظهر ركعتان ، والعصر ركعتان ، فكيف يأتي بها على النقصان!
أقول : وإياه أن يشتبه الأمر عليه في القصد بأسفاره ، فيسافر بالطبع والطمع والشهوات والأمور الدنيويه ، فيعتقد أن هذا طاعة الله ـ جل جلاله ـ ويقصر في صلاته وهو بهذه النية. وإياه أن يكون في جملة قصده بسفره الذي ظاهره طاعة مولاه ، وهو عازم أن يعصي الله ـ جل جلاله ـ في شيء آخر بالسفر لفوائد دنياه ، فتصير اطاعة معصية وإضاعة ، ولا يصح له التقصير في صلاته ، فلا يغالط نفسه ، فإن الله ـ جل جلاله ـ مطلع على إرادته.
فنقول : ان كان الإنسان يريد معرفة القبلة لصلاة الصبح ، فيجعل مطلع الفجر في الزمان المعتدل عن يساره ، فتكون القبلة بين يديه ، وإن كان يريد القبلة لصلاة الظهر أو صلاة غيرها ، فإذا عرف الافق الذي طلعت منه الشمس فيجعله عن يساره ، ويستقبل وسط السماء ، فإذا رأى عين الشمس على طرف حاجبه الأيمن من جانب أنفه الأيمن ، فقد دخل وقت الصلاة لفريضة الظهر. وإن أراد معرفة القبلة لصلاة العشاء ، فيجعل غروب الشمس عن يمينه في الزمان المعتدل ويصلي ، فأنه يكون متوجهاً إلى القبلة ، وإن كان قد بان له الكوكب المسمى بالجدي فيجعله وراء ظهره من جانبه الأيمن ، ويكون مستقبل القبلة ، وكذا متى أراد معرفة القبلة لصلاة بالليل فيعتبر ذلك بالجدي كما ذكرناه.
نقول : إذا اشتبه مطلع الشمس عليه ، ولم يكن معه من الآلات التي ذكرها أهل العلم بذلك ما يعتمد عليه ، فيأخذ عوداً مقوماً يقيمه في الأرض المستوية ، فإذا زاد الفيء فهو قبل الزوال ، وإذا شرع الفيء في النقصان فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة لفريضة الظهر ، وإن كان الوقت غيماً أو غيره مما يمنع من معرفة القبلة