ضموا إلى إيمانهم وطاعاتهم ارتكاب المعاصي ، فقال سبحانه : إنهم معاقبون في النار إلا ماشاء ربك من إخراجهم إلى الجنة وإيصال ثواب طاعاتهم إليهم.
ويجوز أن يريد بالذين شقوا جميع الداخلين إلى جهنم ثم استثنى بقوله : « إلا ماشاء ربك » أهل الطاعات منهم ممن قد استحق الثواب ، ولا بدأن يوصل إليه ، و تقديره : إلا ماشاء ربك أن يخرجه بتوحيده من النار ويدخله الجنة ، وقد يكون « ما » بمعنى « من » وأما في أهل الجنة فهو استثناء من خلودهم أيضا لما ذكرناه لان من ينقل إلى الجنة من النار وخلد فيها لابد في الاخبار عنه بتأبيد خلوده أيضا من استثناء ماتقدم ، فكأنه قال : خالدين فيها إلا ماشاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار قبل أن ينقلهم إلى الجنة ، فما في قوله : ماشاء ربك ههنا على بابه ، والاستثناء من الزمان ، والا ستثناء في الاول عن الاعيان ، والذين شقوا على هذا القول هم الذين سعدوا بأعيانهم وإنما اجرى عليهم كل لفظ في الحال التي تليق به ، فإذا ادخلوا النار وعوقبوا فيها فهم من أهل الشقاوة ، وإذانقلوا منها إلى الجنة فهم من أهل السعادة ، وهذا القول عن ابن عباس وجابربن عبدالله وأبي سعيد الخدري وقتادة والسدي والضحاك وجماعة من المفسرين ، وروى أبوروق ، (١) عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : الذين شقوا ليس فيهم كافر ، وإنما هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار بذنوبهم ، ثم يتفضل الله عليهم فيخرجهم من النار إلى الجنة ، فيكونون أشقياء في حال ، سعداء في حال اخرى. وقال قتادة : الله أعلم بثنياه (٢) ذكرلنا أن ناسا يصيبهم سفع من النار بذنوبهم ثم يدخلهم الله الجنة برحمته يسمون الجهنميين وهم الذين أنفذ فيهم الوعيد ، ثم أخرجهم الله بالشفاعة.
وسادسها أن تعليق ذلك بالمشية على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج
____________________
(١) بفتح الراء وسكون الواو ، هوعطية بن الحارث الهمداني الكوفى صاحب التفسير قال ابن حجرفى التقريب « ص ٣٦٣ » صدوق من الخامسة ، وفي تعقيب التقريب : قال ابن عبدالبر وثقه الكوفيون بلاجرح وصدقه أحمد وأبوحاتم انتهى. وقال العلامة في القسم الاول من الخلاصة « ص ٦ » عطية بن الحارث أبوروق الهمدانى الكوفى تابعى ، قال ابن عقدة : إنه كان يقول بولاية أهل البيت عليهمالسلام.
(٢) الثنية : الاستثناء.