مع مرور الأيّام والدّهور.
كما انّه ونتيجة للتطوّر الحاصل في كلّ فنّ وعلم ، كعلم الفقه ، والأصول ، والتفسير ، والكلام ، والعربيّة ، والدراية ، والرجال. فقد أصبح لكلّ علم من هذه العلوم مباحثه ، ومبانيه ، وأبعاده ومدرسته الخاصّة به.
ومن هنا وكنتيجة منطقية لوجود الترابط الموضوعي ـ المتفاوت بين التلازم البيّن والواضح ، وبين التشابك الفرعي الدقيق ـ بين الكثير من هذه العلوم ، فإنّا نجد أنّ الكثير من علمائنا الأبرار ـ قدّس الله أرواحهم ـ ومنذ العصور الاولى لانتشار المعرفة الإسلاميّة وإلى يومنا هذا ، قد اغترفوا من كلّ علم قدرا ، وقضوا فيه وطرا ، مرتشفين من معينة العذب المتمثل بمدرسة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ، ممتثلين لقوله تبارك وتعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١).
وكذا لقول الناطق الأمين ، الذي لا ينطق عن الهوى الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنّة ، فإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به » (٢).
ولقول وصيّ الأولياء ، ووارث علم الأنبياء ، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل الصّلاة والسّلام : « الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله » (٣).
إلى غير ذلك من النّصوص المختلفة سواء من الآيات الكريمة أو
__________________
(١) التوبة : ١٢٣.
(٢) أمالي الصدوق : ٥٨ / ٩.
(٣) بحار الأنوار ١ : ١٧٩ / ٦٢.