والغابرات والسالفين والسالفات والعاقبات في الازل والآباد.
وبالجملة آحاد مجامع الامكان وذوات عوالم الامكان ، بقضها وقضيضها وصغيرها وكبيرها ثابتاتها وبائداتها حالياتها وأنياتها.
واذا الجميع زفة زفة وزمرة زمرة ، بحشدهم (١) قاطبة معا ، مولون وجوه مهياتهم شطر بابه سبحانه ، شاخصون بأبصار انياتهم تلقاء جنابه جل سلطانه من حيث هم لا يعلمون ، وهم جميعا بألسنة فقر ذواتهم الفاقرة وألسن فاقة هو يأتهم الهالكة في ضجيج الضراعة وصراخ الابتهال ذاكروه وداعوه ومستصرخوه ومناده بـ « يا غني يا مغني » من حيث لا يشعرون.
فطفقت في تينك الضجة العقلية والصرخة الغيبية أخر مغشيا عليّ ، وكدت من شدة الوله والدهش أنسى جوهر ذاتي العاقلة ، وأغيب عن بصر نفسي المجردة ، وأهاجر ساهرة أرض الكون ، وأخرج عن صقع قطر الوجود رأسا ، اذ قد ودعتني تلك الخلسة شيقا حنونا اليها ، وخلفتني تلك الخطفة الخاطفة تائقا لهوفا عليها ، فرجعت الى أرض التبار ، وكورة البوار ، وبقعة الزور ، وقرية الغرور تارة أخرى (٢).
وقال نور الله مرقده : ومن لطائف ما اختطفته من الفيوض الربانية بمنه سبحانه وفضله جل سلطانه حيث كنت بمدينة الايمان حرم أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قم المحروسة ، صينت عن دواهي الدهر ونوائبها ، في بعض أيام شهر الله الاعظم لعام الحادي عشر بعد الالف من الهجرة المباركة المقدسة النبوية ، أنه قد غشيني ذات يوم سنة شبه خلسة وأنا جالس في تعقيب صلاة العصر تاجه تجاه القبلة.
فأريت في سنتي نورا شعشعانيا على أبهة صوانية في شبح هيكل انساني مضطجع على يمينه ، وآخر كذلك على هيأة عظيمة ، ومهابة كبيرة في بهاء ضوء لا مع ، وجلاء نور ساطع جالسا من وراء ظهر المضطجع ، وكأني أنا دار من نفسي أو ادراني احد غيري ان المضطجع مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وتسليماته عليه ، والجالس من
__________________
(١) في البحار : بحزبهم
(٢) البحار : ١٠٩ / ١٢٥ وهو رسالته المعروف بـ « الخلعية »