ولان كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر للجميع لقيام المواجهة فيه.
وابن الجنيد ذكر ما مضى ، ثم قال : ومتى فرجت اللحية ، فلم تكن تتوارى بنباتها البشرة من الوجه ، فعلى المتوضّئ غسل الوجه كما كان قبل أن ينبت الشعر ، حتى يستيقن وصول الماء الى بشرته التي يقع عليها حسّ البصر إمّا بالتخليل أو غيره ، لأنّ الشعر إذا ستر البشرة قام مقامها فإذا لم يسترها كان على المتطهّر إيصال الماء إليها (١).
وقال المرتضى : ومن كان ذا لحية كثيفة تغطّي بشرة وجهه ، فالواجب عليه غسل ما ظهر من بشرة وجهه ، وما لا يظهر ممّا تغطيه اللحية لا يلزم إيصال الماء اليه ، ويجزئه إجراء الماء على اللحية من غير إيصال إلى البشرة المستورة. ثم حكى عن الناصر وجوب غسل العذار بعد نبات اللّحية كوجوبه قبل نباتها ، قال ـ رحمهالله ـ : هذا غير صحيح ، والكلام فيه قد بينّاه في تخليل اللحية ، والكلام في المسألتين واحد ، لأنّا قد بينّا انّ الشعر إذا علا البشرة انتقل الفرض اليه (٢).
فحمل الفاضل ـ رحمهالله ـ كلامهما في التذكرة على وجوب تخليل الشعر الخفيف ، سواء كان الغالب فيه الخفة والكثافة نادرة كما عدا اللحية أو لا كاللّحية. وأوجب غسل الشعر الساتر ومنبته ، وحكم بأنّ غسل أحدهما لا يجزئ عن الآخر (٣).
وكلامهما يحتمل قصر الوجوب على غسل البشرة التي لا شعر عليها ، كقول ابن الجنيد : التي يقع عليها حسّ البصر ، وكلام السيد أظهر في المراد ، وذلك غير التخليل بالتفسير الذي ذكره ، ولا يخالف الشيخ (٤) والجماعة فيه. وفي المختلف
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢١.
(٢) الناصريات : ٢٢٠.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ١٦.
(٤) المبسوط ١ : ٢٠.