ظاهره ما فسرنا كلامهما به ، لأنّه احتجّ عليه بوجوب غسل الوجه ، وإنّما ينتقل الفرض إلى اللحية مع الستر لأنّه يواجه بها حينئذ ، أمّا مع رؤية الوجه فإنّ المواجهة به دون اللحية (١). وهذا غير صريح في وجوب غسل ما تحت الشعر الساتر ، إنّما هو صريح في وجوب غسل ما لا شعر فيه من الوجه.
وما في التذكرة مع مخالفته ظاهر الأصحاب يخالف مشهور العامة أيضا (٢) ، لأنّ الضابط عندهم أنّ ما عدا شعر اللحية يجب تخليله وإن كثف ، فيجب غسل بشرته وشعره لندور الكثافة فيه فيلحق بالغالب ، ولأنّ بياض الوجه محيط به ، إمّا من كلّ جانب ـ كالحاجبين والأهداب ـ أو من جانبين ـ كالعذارين والشاربين ـ ، فيجعل موضعها تبعا لما تحيط به.
وشعر اللحية يجب تخليله مع الخفّة لا مع الكثافة. ونعني بالخفيف : ما تتراءى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب ، أو ما يصل الماء الى منبته من غير مبالغة ، وقد يؤثّر الشعر في أحد الأمرين دون الآخر بحسب السبوطة والجعودة. والكثيف يقابله في الأمرين.
ولو كان بعض الشعر خفيفا وبعضه كثيفا وفّي مقتضى كلّ عليه ، على القول بالتخليل.
الخامس : إذا لم نقل بوجوب التخليل ، فالأولى : استحبابه استظهارا ولو مع الكثافة ، لما رووه ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعله (٣).
وروينا في الجعفريات انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « أمرني جبرئيل عن ربي أن اغسل فنيكيّ عند الوضوء » (٤). وهما جانبا العنفقة ، أو طرف اللحيين عندها. وفي الغريبين : مجمع اللحيين ووسط الذقن. وقيل : هما العظمان
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢٢.
(٢) راجع : الام ١ : ٢٥ ، المغني ١ : ١٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ٥١ ، بدائع الصنائع ١ : ٣.
(٣) السنن الكبرى ١ : ٥٤.
(٤) الجعفريات : ١٨.