قلت : قد اشتمل هذا الخبر على ما يدفع الاحتمالين ، لأنّ المغرب والعشاء المذكورتين أخيرا متعددتان مع انهما من يوم سالف ، فان عمل به كله زالا ، وان عمل ببعضه كان تحكّما. وفيه دلالة على انّ الترتيب مستحب لا مستحق ، لانّه حكم بالتوسعة بعد صلاة الصبح ، فلو صح القول بالمضايقة انتفى.
والتحقيق هنا : انّ الأخبار في حيز التعارض ، والجامع بينها الحمل على الاستحباب ، فان القول بالمضايقة المحضة يلزم منه اطراح الأخبار الصحيحة على التوسعة ، والقول باستحباب تقديم الحاضرة يلزم منه إطراح أخبار الترتيب ، والتفصيل معرض لاطراح الجميع ، والعمل الخبرين مهما أمكن أولى من اطراحهما ، أو إطراح أحدهما. وبتقدير الاطّراح ، تبقى قضية الأصل وعمومات القرآن سالمة عن المعارض.
والشيخ من أصحاب المضايقة (١) مع حكمه في مواضع من التهذيب بعدمها ، كحكمه فيمن أعاد صلاة مع الامام بجعلها نافلة أو قضاء فريضة سالفة (٢) وكايراده خبر عمار السالف عن الصادق عليهالسلام : « فإذا أردت ان تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها ، فلا تصل شيئا حتى تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ، ثم اقض ما شئت » (٣) ولم يعرض له الشيخ ، مع انّ عادته انّ الخبر إذا كان لا يرتضيه يعرض له.
ولم يصرّح في النهاية والخلاف ببطلان الحاضرة لو أوقعها لا مع الضيق ، وكذلك : المفيد ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد. نعم ، صرح به : المرتضى (٤)
__________________
(١) راجع : الخلاف ١ : ٣٨٢ المسألة ١٣٩.
(٢) التهذيب ٣ : ٥١ ، النهاية : ١٢٥.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٧٣ ح ١٠٨٦.
(٤) أجوبة المسائل الرسية الاولى ٢ : ٣٦٤.