وأورد في التهذيب بسند آخر الى الحسين بن عبيد ، قال : كتبت الى الصادق هل اغتسل أمير المؤمنين عليهالسلام حين غسّل رسول الله عند موته؟ قال : « كان رسول الله طاهرا مطهّرا ، ولكن فعل أمير المؤمنين ذلك وجرت به السّنة » (١).
نعم ، هناك رواية تضمّنت أنّ غسل الميت سنّة ـ وحملها على ظاهرها يقتضي الحكم بطهارته ، ومسّ الطاهر لا يوجب غسلا ولا غسلا ، إلاّ أنّ هذا يخالف إجماع المسلمين فضلا عن الإمامية ـ وهي ما مرّ في مرسل عبد الرحمن عن أبي الحسن عليهالسلام في اجتماع الجنب والميت والمحدث ، حيث قال : « وغسل الميت سنة » (٢). وكذا بطريق التفليسي عن أبي الحسن عليهالسلام في ميت وجنب : « إذا اجتمعت سنّة وفريضة بدئ بالفرض » (٣). وبطريق الأرمني ـ وقيل هو التفليسي أيضا ـ عن الرضا عليهالسلام : « يترك الميت ، لأنّ هذا فريضة وهذا سنّة » (٤).
وكلّ هذا تكلّف ، لوضوح روايات الوجوب دلالة ، وشهرتها عملا. والشيخ حمل لفظ « السنّة » على الثابت بالسنّة ، وهو حسن (٥). وأمّا اغتسال أمير المؤمنين عليهالسلام وجري السنّة به ، فهو ظاهر الدلالة على الوجوب. وسلاّر عدّ الأغسال الواجبة ، وقال : وغسل من مسّ الميت على إحدى الروايتين (٦) ولم نر رواية مصرّحة بذلك.
وفي التهذيب ـ الذي هو شرح المقنعة ـ لم يذكر سوى ما ذكرناه. نعم ، كلامه في الخلاف يشعر بوجود مخالف غير المرتضى ، حيث قال : وعند بعضهم أنّه مستحبّ وهو اختيار المرتضى. ثم استدّل على الوجوب بالاحتياط والأخبار ، ولم
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٦٩ ح ١٥٤١.
(٢) الفقيه ١ : ٥٩ ح ٢٢٢ ، التهذيب ١ : ١٠٩ ح ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٠١ ح ٣٢٩.
(٣) التهذيب ١ : ١٠٩ ح ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٠١ ح ٣٣٠.
(٤) التهذيب ١ : ١١٠ ح ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ ح ٣٣١.
(٥) التهذيب ١ : ١٠٩ ، الاستبصار ١ : ١٠١.
(٦) المراسم : ٤٠.