« إبطال الاستحسان » وردّ عمل المالكيّة بعمل أهل المدينة ، وأبطل العمل بالمصالح المرسلة ، وأنكر الأخذ بقول الصحابي لأنّه يحتمل أن يكون عن اجتهاد أخطأ فيه ، ورفض الحديث المرسل ، إلاّ مراسيل ابن المسيّب لأنّه يرى أنّ القوم متّفقون على صحّتها (١).
و « إنّ الذي أملاه الإمام الشافعي على تلاميذه بمسجد عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر وقدم له برسالة في أصول الفقه ، وقد عرف هذا الكتاب باسم « الام » وكانت الرسالة هي أول ما كتب ودوّن في علم الأصول كما يروي ذلك ابن خلدون وغيره ، وكما ينبئ عنه الواقع ، وأنّه كان ابن النديم في الفهرست يقول : إنّ أبا يوسف الفقيه الحنفي سبق الشافعي في هذا ، والشيعة الإمامية يقولون أيضا أنّهم أول من كتب فيه » (٢).
ويحكى عن الغزالي في إحياء العلوم ، وعن أبي طالب المكي في كتاب قوت القلوب أنّ كتاب الام لم يصنّفه الشافعي وإنّما صنّفه تلميذه أبو يعقوب البويطي ، ثمّ زاد عليه الربيع بن سليمان وتصرّف فيه وأظهره بهذه المظهر (٣).
وله في الفقه مذهبان قديم وهي آراؤه المذكورة في كتبه نحو : الأمالي ، ومجمع الكافي ، وعيون المسائل ، والبحر المحيط وجديد ، وهي : الأم ، والمختصرات والرسالة ، والجامع الكبير ، والإملاء ، فالقديم ما عليه أهل مصر ، والجديد ما عليه أهل العراق ، وقيل : له مذهب ثالث بين المذاهب كما هو الظاهر من كتاب المجموع للنووي في نقله للأقوال في موارد متعددة.
المذهب الحنبلي : ينتسب إلى أحمد بن حنبل الشيباني المروزي المولود ببغداد سنة ١٦٤ ه والمتوفّى بها سنة ٢٤١ ه.
درس الحديث على هيثم بن بشير وعلى الشافعي.
وصنّف المسند الذي يحتوي على نيف وأربعين ألف حديث ، رتّبه حسب
__________________
(١) أدوار علم الفقه : ١٥٨.
(٢) مناهج الاجتهاد : ٣٧.
(٣) أدوار علم الفقه : ١٥٩.