وان خرج بممازجة النجاسة فأقسامه ثلاثة :
الأول : الجاري ، وانّما ينجس بتغير أحد أوصافه الثلاثة ـ أعني : اللون ، والطعم ، والرائحة ـ التي هي مدار الطهورية ، وزوالها ـ
______________________________________________________
حكم تغير الماء بنحو الجيفة على الشاطئ ، ووقوع الأشياء غير الممازجة ، مثل الخشب وعظم نجس العين بغير بيان.
اللهم إلاّ أن يقال : أراد بالممازج للماء الواقع فيه مطلقا.
وحكم التغير بالجيفة يعلم بأدنى تأمّل للاحكام التي أوردها في هذا البحث.
واعلم أنه يندرج في قوله : ( بممازجة طاهر ) ما يقع في الماء بنفسه وما يطرح فيه ، سواء كان مما لا ينفك الماء عنه غالبا كالطحلب والتراب ومطلق ما في مقرّه وممره كالنورة ، أم لا.
قوله : ( فأقسامه ثلاثة ).
إنما كانت أقسامه ثلاثة نظرا الى اختلاف أحكامه باختلاف هذه الأقسام الثلاثة عند أكثر الأصحاب ، فكان انقسامه إليها باعتبار أحكامه.
قوله : ( الأول الجاري ).
المراد به النابع ، لان الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد ، تعتبر فيه الكرية اتفاقا ممن عدا ابن أبي عقيل رحمهالله (١) بخلاف النابع.
قوله : ( التي هي مدار الطهورية وزوالها ).
أي : أوصاف الماء الأصلية ، التي هو عليها في أصل خلقته.
والمراد بأصل خلقته : الحالة التي يخرج عليها من منبعه إن كان نابعا.
والمراد برائحة الماء : سلامته من رائحة مكتسبة ، سواء كان له رائحة في أصله ، أم لا.
واعلم : أن الدوران ، هو ترتب الشيء على الشيء الذي له صلوح العلية ، والأول يقال له : الدائر ، والثاني يقال له : المدار ، وهو قد يكون مدارا للوجود خاصة كالهبة بالنسبة إلى الملك ، وللعدم خاصة كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، ولهما معا
__________________
(١) حكاه العلامة في المختلف ١ : ٢.