والمستعمل في غسل ـ النجاسة نجس وان لم يتغير بالنجاسة ،
______________________________________________________
ويستفاد من ظاهر قول المصنف : ( أما ماء الغسل من الحدث الأكبر ) أن الخلاف غير مختص بالغسل من الجنابة ، كما صرح به في المختلف (١).
واعلم : أن المراد بماء الوضوء والغسل الماء القليل المنفصل عن أعضاء الطهارة ، إذ الكثير لا يتصور فيه الاستعمال ، والمتردد على الأعضاء لا يمكن الحكم باستعماله ، وإلاّ لامتنع فعل الطهارة.
قوله : ( والمستعمل في غسل النجاسة نجس وإن لم يتغير بالنجاسة ).
هذا هو القول الأشهر بين متأخري الأصحاب ، والأشهر بين المتقدمين أنه غير رافع ، كالمستعمل في الكبرى.
وقال المرتضى (٢) وابن إدريس ـ (٣) وقواه في المبسوط (٤) ، ـ بعدم نجاسته إذا لم يتغير ، وإلا لم يطهر المحل ، لأنه إذا تنجس لوروده لم يفد المحل طهارة.
والتزم المصنف بعدم نجاسته حين الورود ، بل بعد الانفصال ، وفيه اعتراف بالعجز عن دفع ما استدل به من مكان قريب ، فإن القول بنجاسة القليل الملاقي للنجاسة ـ بعد مفارقتها ـ لا يعقل وجهه.
وقال الشيخ في الخلاف بطهارة ماء الغسل الأخير (٥) ، والظاهر أن موضع الخلاف ماء الغسل المعتبر في التطهير ، دون ما سواه.
وحكى بعضهم عن المصنف وشيخه ابن سعيد (٦) ، القول بنجاسة الغسالة مطلقا ، وان زاد الغسل على العدد المعتبر ، ولعله فهمه من قوله آخرا : ( والمتخلف في الثوب بعد عصره ... ) ، ولا دلالة فيه ، لأن هذا حكم الماء الوارد على المحل
__________________
(١) المختلف : ١٢.
(٢) جمل العلم والعمل : ٤٩.
(٣) السرائر : ٧.
(٤) المبسوط ١ : ١١.
(٥) الخلاف ١ : ٢٦ مسألة ١٣٥ كتاب الطهارة.
(٦) المصنف في تحرير الأحكام ١ : ٥ ، مختلف الشيعة ١ : ١٣ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٥ ، والظاهر انه أراد بابن سعيد المحقق الحلّي كما يتضح ـ من شرائع الإسلام ١ : ٥٥.