وأمّا الكثير ، فإنّما يطهر بذلك ان زال التغيّر ، وإلاّ وجب إلقاء كرّ آخر ، فان زال وإلاّ فآخر ، وهكذا.
ولا يطهر بزوال التغيّر من نفسه ، أو بتصفيق الرياح ، أو بوقوع أجسام طاهرة فيه غير الماء ، فيكفي الكر وان لم يزل التغيّر به لو كان ، ولو تغير بعضه وكان الباقي كرا طهر بزوال التغيّر بتموّجه.
والجاري يطهر بتكاثر الماء وتدافعه حتى يزول التغيّر.
______________________________________________________
قوله : ( والا وجب إلقاء كرّ آخر ).
أي : دفعة ، اكتفاء بما سبق ، وإنما يجب إلقاء كرّ آخر إذا تغيّر الكر الأول بالنجاسة ، فلو بقي على حكمه ، فالمتغير كنجاسة متصلة به ، فإذا امتزج أحدهما بالآخر وزال تغير المتغير حكم بالطهارة ، ولم يحتج إلى كرّ آخر ، وليس هذا بأدون مما لو تغير بعض الزائد على الكر ، وبقي الباقي كرّا.
قوله : ( ولا يطهر بزوال التغير من نفسه ).
خلافا ليحيى بن سعيد (١).
قوله : ( فيكفي الكرّ وإن لم يزل به لو كان ).
أي : لو وقعت أجسام طاهرة في الماء المتغير بالنجاسة ، فأزالت عنه التغير ، بحيث لم يبق فيه تغيّر أصلا ، لا أن سترته فلم يدرك بالحس ، فإنه يكفي الكر لتطهيره حينئذ ، لعدم وجود التغير ، وإن كان التغير السابق لا يزول بالكرّ لو لا الأجسام الطاهرة ، لحصول المطلوب بزواله.
قوله : ( والجاري يطهر بتكاثر الماء وتدافعه حتى يزول التغير ).
هكذا وقع في عبارته وعبارة غيره ، والظاهر : أن الحكم بالطهارة في الجاري غير موقوف على التكاثر والتدافع ، بل لو زال التغير ـ بأي وجه كان ـ حكم بالطهارة لمكان المادة.
اللهم إلا أن يقال : بأن مجرد اتصال الماء الطاهر بالنجس لا يقتضي طهارة النجس ، بل لا بد من الامتزاج مع صلاحيته للتطهير ، فيستوي في ذلك الجاري ،
__________________
(١) الجامع للشرائع : ١٨.