بخلاف الطهارة في الدار المغصوبة.
ب : لا يمزج التراب
______________________________________________________
أما إذا تطهر من المغصوبة أو جعلها مصبّا لماء الطهارة ، فإن النهي حينئذ متوجه إلى العبادة ، نظرا إلى منافاتها لحق آدمي مضيق ، فان رد الإناء المغصوب على مالكه واجب على الفور ، فيقتضي الفساد ، كما هو مختار بعض الأصحاب في الصلاة إذا نافت حق آدمي مضيق (١) ، إلا أن يراد فعل الطهارة آخر الوقت.
ولا ريب أن هذا أحوط ، إلا أنّ الدليل لا يساعد عليه ، لأن النهي في العبادة إنما يتحقق بتوجهه إلى نفس العبادة من حيث هي ، أو إلى جزئها أو شرطها ، والمنهي عنه في المتنازع إنما هو ترك الرد على المالك ، لأن الأمر يقتضي الرد على وجه يمنع من نقيضه ، وهو الترك.
وتحقق ترك الرد في ضمن فرد مخصوص ـ كالطهارة في المثال ـ لا يقتضي كون الطهارة منهيّا عنها إلا بالواسطة والعرض وما هذا شأنه فليس بمنهي عنه من حيث هو ، فلا يتطرق الفساد إلى الطهارة. ومثله لو تطهر مكشوف العورة اختيارا مع ناظر محترم ، أو أخرج الخمس ، أو الزكاة ، أو الكفارة في الدار المغصوبة ، أو نوى الصوم إلى غير ذلك من المسائل الكثيرة.
قوله : ( بخلاف الطهارة في الدار المغصوبة ).
أي : فإنها تبطل ، ومثله لو تطهر في نفس الإناء المغصوب ، واعلم أن وجه الفرق المقتضي للبطلان هنا دون الأول غير واضح ، فإن النهي عن شغل المغصوب بالكون فيه لا يقتضي النهي عن مقارناته التي من جملتها الطهارة ، لأنها أمر خارج عن التصرف فيه ، إذ هي عبارة عن جريان الماء على البدن بفعل المكلف ، وليس للكون بها تعلق في نظر الشارع ، نعم يتخرج على القول السابق ـ إن تم لقائله ـ البطلان مع سعة الوقت لا مع ضيقه ، وأكثر المتأخرين حكموا بالبطلان هنا مطلقا ، لما فيه من الزجر عن الاستيلاء على مال الغير عدوانا ، والمصير إليه هو المختار.
قوله : ( لا يمزج التراب بالماء ).
__________________
(١) منهم : السيد المرتضى في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٣١ ، والشهيد في الذكرى : ١٤٩.