ج : لو وجد بللا مشتبها بعد الغسل لم يلتفت إن كان قد بال أو استبرأ ، وإلاّ أعاد الغسل دون الصلاة الواقعة قبل الوجدان.
______________________________________________________
فأمّا المنسوخ حكمه وتلاوته ، كما روي عن عائشة ، أنّه كان في القرآن عشر رضعات محرمات فنسخت (١) ، فلا يحرم مسّه ، وكذا المنسوخ تلاوته دون حكمه ، كآية الشّيخ والشّيخة ، وهي : الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم (٢) ، فإنّ حكمها باق وهو وجوب الرّجم إذا كانا محصنين.
ويوشك أن يكون بعض ما روي من قراءة ابن مسعود من هذا النّوع ، وإنّما لم يحرم مسّ هذين لأن تحريم المسّ تابع للاسم ، وقد خرجا بنسخ التّلاوة عنه ، فيبقى على الأصل.
وأمّا المنسوخ حكمه دون تلاوته فكثير ، مثل آية الصّدقة (٣) ، وآية وجوب ثبات عشرين لمائتين (٤) ونحو ذلك ، وتحريم المسّ هنا لصدق اسم القرآن المقتضي له.
واعلم أن « خاصة » في الجملتين منصوب على الحال من حكمه وتلاوته ، وإن كان ظاهر اللّفظ قد يوهم كون صاحبه هو المنسوخ فيهما ، وهو باطل لتنافي معنى الجملتين حينئذ ، ولفساد المعنى ، ولو وصل هذا بتحريم مسّ القرآن المذكور أولا فقال : ويحرم مسّ كتابة القرآن وإن نسخ حكمه ، لا إن نسخت تلاوته ، لكان أخصر وأحسن وأبعد عن الوهم.
قوله : ( لو وجد بللا مشتبها بعد الغسل لم يلتفت إن كان قد بال أو استبرأ ، وإلا أعاد الغسل دون الصلاة الواقعة قبل الوجدان ).
قد يسأل عن مرجع الضّمير في ( وجد ) فيجاب بعدم وجود مرجع صريح ، لكن السياق يقتضي عوده إلى المغتسل أو المجنب ، لأنّه المحدّث عنه ولا يستقيم ، لأن هذا الحكم إنّما هو للمنزل دون غيره ، فإنّه مع اشتباه الخارج لا غسل عليه قطعا.
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٠٧٥ حديث ٢٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٢٣ حديث ٢٠٦٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٠٩ باب ٣ من الرضاع ، الموطأ ٢ : ٦٠٨ حديث ١٧ من الرضاع ، سنن الدارمي ٢ : ١٥٧ باب كم رضعة تحرّم.
(٢) رواها الحاكم في مستدركه ٤ : ٣٦٠ ، وحكاها السيوطي في الإتقان ٣ : ٨٦.
(٣) المجادلة : ١٢.
(٤) الأنفال : ٦٥.