الأول : في ماهيّته : الحيض دم يقذفه الرحم إذا بلغت المرأة ، ثم يعتادها في أوقات معلومة غالبا لحكمة تربية الولد ، فإذا حملت صرف الله تعالى ذلك الدم الى تغذيته ، فإذا وضعت الحمل خلع الله تعالى عنه صورة الدم وكساه صورة اللبن لاغتذاء الطفل ، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي ذلك الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أو أقل أو أكثر بحسب قرب المزاج من الحرارة وبعده عنها.
______________________________________________________
الدّماء الثّلاثة ، فلذلك عنون الأبواب الثّلاثة بها.
قوله : ( الأول في ماهيّته : الحيض دم يقذفه الرحم إذا بلغت المرأة ، ثم يعتادها في أوقات معلومة غالبا ).
الحيض لغة : السيل بقوّة ، يقال : حاض الوادي إذا سال بقوة (١).
وشرعا : دم يقذفه الرّحم إلى آخره ، والتقييد بقوله : ( غالبا ) لئلا يخرج من التّعريف بعض أفراد الحيض ، وهو ما كان على خلاف الغالب ، والإجماع على أنّه لا يكون قبل البلوغ ، ومثله دم النّفاس لكنه يخرج بالقيد الأخير.
قوله : ( لحكمة تربية الولد ).
قد يسأل عن متعلق الجار ، فيجاب بأنه محذوف ، يدلّ عليه سوق الكلام ، أي خلق لحكمة تربية الولد ، وقوله : ( فإذا حملت ... ) بيان لذلك ، و « الفاء » فيه عاطفة.
قوله : ( فإذا حملت ... ).
من ثمّ قلما تحيض الحامل والمرضع.
قوله : ( ثمّ يخرج في الغالب في كلّ شهر ستة أيّام ).
المراد به : الشّهر الهلالي ، كما دلّت عليه الأخبار (٢) والعادات ، وقوله : ( أو أقل أو أكثر ) ، المراد به أقل من الستة والسّبعة أو أكثر منهما في كل شهر ليكون في جملة الغالب ، ولو أريد أقل من الشّهر وأكثر منه لم يستقم ، لأنه خلاف الغالب ، بل يكون
__________________
(١) انظر : لسان العرب ٧ : ١٤٢ مادة حيض.
(٢) الكافي ٣ : ٩١ باب معرفة الحيض ، التهذيب ١ : ١٥١ حديث ٣ وهي مطلقة وليس فيها ما يدل على الهلالي.