______________________________________________________
العبارة انّه إذا لم يتمكّن من وضع يديه على الثّلج حتّى ينتقل من الماء ما يسمّى به غاسلا تيمّم به ، والتيمّم في عبارته يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يمسح وجهه وجميع أعضاء الوضوء ، أو الغسل به ويكون إطلاق التيمّم عليه مجازا ، وهو مختار الشّيخين (١) ، وإليه ذهب في المختلف (٢) وغيره (٣).
والثّاني : أن يمسح وجهه ويديه بنداوته بعد الضّرب ، كما يظهر من المرتضى (٤) ، وسلاّر (٥) ، ومستند ذلك ما رواه محمّد بن مسلم في الصّحيح ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرّجل يجنب في السّفر فلا يجد إلاّ الثّلج ، أو ماء جامدا ، قال : « هو بمنزلة الضّرورة ، يتيمّم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض الّتي توبق دينه » (٦) ، والحديث يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يراد بقوله عليهالسلام : « هو بمنزلة الضّرورة يتيمم » تيممه بالثّلج ، ويؤيد هذا قول السّائل : فلا يجد إلا الثّلج ، أو ماء جامدا ، وحينئذ فيكون التيمّم به محتملا لمسح أعضاء الطّهارة به ، مجازا عن التيمّم الحقيقي ، للاشتراك في المسح ، كما يحتمل مسح أعضاء التيمّم به بعد الضّرب عليه.
الثّاني : أن يراد بقوله عليهالسلام : « يتيمّم » : التيمّم بالتّراب ، على معنى أنّ السّائل أراد أنّ الجنب لم يجد ما يغتسل به إلاّ الثّلج ، أو ماء جامدا ، ولم يرد أنّ التّراب ليس بموجود ، ويؤيد هذا المعنى قوله عليهالسلام : « هو بمنزلة الضّرورة » ، بل المتبادر إلى الفهم هو هذا المعنى ، وعلى تقدير احتمال الحديث فلا دلالة فيه على التيمّم بالثّلج بحال سوى ما أراده المصنّف تبعا للشّيخين وما يظهر من كلام المرتضى.
واحتج المصنّف أيضا بأنّ المتطهر يجب عليه مماسة أعضاء الطّهارة بالماء وإجراؤه عليها ، فإذا تعذّر الثّاني وجب الأوّل ، إذ لا يلزم من سقوط أحد الواجبين لعذر
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٨ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٣١.
(٢) المختلف : ٤٩.
(٣) المنتهى ١ : ١٤٣ ، والتحرير ١ : ٢٢.
(٤) قاله في المصباح ، كما نقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٥٣٦.
(٥) المراسم : ٥٣.
(٦) التهذيب ١ : ١٩١ حديث ٥٥٣ ، الاستبصار ١ : ١٥٨ حديث ٥٤٤.