ويحرم التثويب.
______________________________________________________
يكره الكلام في أثناء الأذان ، فإن تكلّم لم يعده ، عامدا كان أو ساهيا ، إلاّ أن يتطاول بحيث يخرج عن الموالاة ، ومثله السّكوت الطويل.
وكذا يكره الكلام في خلال الإقامة ، بل الكراهية هنا آكد ، روى أبو بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « أيتكلم الرّجل في الأذان؟ فقال : « لا بأس » قلت : في الإقامة؟ قال : « لا » (١).
وعن سماعة قال : سألته عن المؤذّن يتكلّم وهو يؤذن؟ قال : « لا بأس حتّى يفرغ من أذانه » (٢). وعن أبي هارون المكفوف ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « يا أبا هارون الإقامة من الصّلاة ، فإذا أقمت فلا تتكلّم ، ولا تومئ بيدك » (٣) ، ولأنّه يستحبّ حدرها ، وأن لا يفرّق بينها.
وهذه الأخبار لا تنافي كراهيّة الكلام في الأذان ، لأن الجواز أعمّ ، والجواب بنفي البأس يشعر بشيء ما ، وقطع توالي العبادة بأجنبي يفوّت إقبال القلب عليها ، وهذا إنما هو حيث لا يكون الكلام متعلّقا بمصلحة الصّلاة ، لما سيأتي من أنّه لا يقدح في الإقامة ، ففي الأذان أولى.
قوله : ( ويحرم التثويب ).
التّثويب هو قول : الصّلاة خير من النّوم بعد الحيّعلتين ، من ثاب : إذا رجع ، فإنّ المؤذن يرجع إلى الدّعاء إلى الصّلاة به بعد الدّعاء بالحيّعلتين ، وقد استحبّه جمع من العامة في الأذان الصّبح خاصّة (٤).
وفسّر بعض العامة التثويب بأن يقول بين الأذان والإقامة : حيّ على الصّلاة ، حي على الفلاح مرّتين (٥) ، وفيه معنى الرّجوع إلى الدّعاء بالحيّعلتين.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٠٤ حديث ١٠ ، التهذيب ٢ : ٥٤ حديث ١٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٠٠ حديث ١١١٠ ، والراوي في المصادر الثلاثة عمرو بن نصر.
(٢) التهذيب ٢ : ٥٤ حديث ١٨٣.
(٣) الكافي ٣ : ٣٠٥ حديث ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٥٤ حديث ١٨٥ ، الاستبصار ١ : ٣٠١ حديث ١١١١.
(٤) مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، مختصر المزني : ١٢.
(٥) سنن الترمذي ١ : ١٢٧.