وإحضار ذات الصلاة وصفاتها الواجبة ، فيقصد إيقاع هذه الحاضرة على الوجوه المذكورة ،
______________________________________________________
قارنت النّيّة أوّله فقد قارنت أوّل الصّلاة ، لأنّ جزء الجزء جزء.
نعم ، لا بد أن لا يتخلّل بين النّية وأوّل التكبير زمان وإن قل ، لأنّ المأتي به كذلك عزم لا نية ، خلافا لبعض العامّة حيث جوّز تخلل زمان يسير (١).
وربما فهم بعضهم من عبارة الكتاب أنّ النّيّة يعقل امتدادها بحيث يتصوّر قصد الصّلاة المعيّنة ، وكونها مفعولة أداء لوجوبها قربة إلى الله بحيث ينتهي آخرها عند أوّل التكبير. ولا دلالة للعبارة على ذلك ، وفي كون المأتي به على هذا الوجه نية نظر ، لأنّ المغفول عنه لا يعد جزءا للنية الّتي هي جزء للقصد المقارن.
قوله : ( وإحضار ذات الصّلاة وصفاتها الواجبة فيقصد إيقاع هذا الحاضر على الوجه المذكور ).
المراد : إحضارها في الذّهن لتتميز عن غيرها ، فتتحقّق ارادة الفعل على الوجه المأمور به.
والمراد بإحضار ذاتها وصفاتها الواجبة ما نبّه عليه بقوله : ( فيقصد إيقاع هذا الحاضر ) ، أي : المطلوب حينئذ ، كالظّهر مثلا على الوجه المذكور أداء أو قضاء الى آخره.
ولا يشترط في إحضارها تعيين الرّكعات وخصوص الأفعال ، بل يكفي القصد الإجمالي مع سبق العلم بتفاصيل جميع الأفعال الواجبة ، ولا يشترط أيضا تعيين الوجوب في الواجبة والندب في المندوبة بحيث يقصد الظّهر الواجبة ـ مثلا ـ أداء لوجوبها الى آخره ، خلافا لبعض الأصحاب (٢) ، لأنّ وصفها بالوجوب مستفاد من تعليل فعلها به في النّية ، أعني لوجوبه قربة إلى الله ، فهو كاف في التشخيص. وكذا القول في النّدب. وقد يستفاد من قوله : ( ذات الصّلاة وصفاتها ) أنّه لا بدّ في صحّة النّية من اجتماع ذلك في التصوّر إذ حضور الجميع يقتضي ذلك ، وبما سبق يعلم الاكتفاء عند أوّل التكبير.
__________________
(١) انظر : المجموع ٣ : ٢٧٨.
(٢) منهم : الشهيد في الذكرى : ١٧٧.