الخامس : الجماعة : فلا تقع فرادى ، وهي شرط الابتداء لا الانتهاء.
______________________________________________________
لأنّ لتواليها تأثير في النّفوس ، ولما سبق من الدلائل ، فإنّها على أن لا تنهض بالتّحريم فلا أقل من الكراهة ولا يحرم عند المصنّف ، لما سبق من الدلائل على ذلك.
فان قيل : قد أغنى قول المصنّف فيما مضى : ( وانتفاء تحريم الكلام ) عما ذكره هنا ، فيكون تكرارا بغير فائدة.
قلنا : الّذي سبق انتفاء تحريم الكلام ، وهو لا يقتضي كراهة ولا ضدها ، والمذكور هنا الكراهة ، فلا يلزم التّكرار.
فان قيل : لم خصّ الكراهة بالخطيب مع أنّ المأمومين يكره لهم ذلك عنده لدلالة النّصّ على ذلك؟
قلنا : لما ذكر ما يستحبّ في الخطيب من الصّفات والأفعال ، أورد معها كراهة الكلام في الأثناء المقتضي لاستحباب الكف عنه ، وحكم المأمومين قد يستفاد من قوله : ( والأقرب ... ) ولم يذكر شيئا يتعلّق بهم بعد يناسب ذكر ذلك.
قوله : ( الخامس : الجماعة : فلا تصح فرادى ، وهي شرط الابتداء لا الانتهاء ).
لمّا كان حضور العدد غير مستلزم للجماعة ما لم تجمعهم رابطة القدوة بإمام ، اعتبرت الجماعة شرطا بالاستقلال ، للإجماع على عدم صحة الجمعة بدونها ، ولأنّه عليهالسلام كذا فعلها ، ودوام عليها ، ولما رواه عن زرارة ، قال : « فرض الله من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، واحدة فرضها الله تعالى في جماعة ، وهي الجمعة » (١) وتتحقق الجماعة بنية المأمومين الاقتداء بالإمام ، فلو أخلّوا أو أحدهم بذلك لم تصح.
وهل تشترط نية الإمام للإمامة هنا؟ فيه نظر ، ينشأ من ظاهر قوله
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤١٩ حديث ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ حديث ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ حديث ٧٧.