المطلب الثالث : المستقبل.
ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة ، فإن جهلها عوّل على ما وضعه الشرع أمارة.
______________________________________________________
ذبحها إلى غير القبلة ، بل وعقرها كيف أمكن ، وكذا القول في المتردّية : وهي الواقعة في البئر ونحوه ، وسيأتي ذلك في الذّبائح ان شاء الله تعالى.
وفي حواشي شيخنا الشّهيد إنّ في العبارة دقيقة هي : أن الاستقبال إنّما هو بالمذبوح لا بالذّابح. وفي استفادة ذلك منها نظر ، لأن دلالتها على سقوط الاستقبال الواجب ، لا على أن الاستقبال بها ، أو به.
فان قيل : يفهم من تعليق سقوط الاستقبال على استعصائها وترديها أن الاستقبال متعلق بها. قلت : لا دلالة على ذلك ، لأنّه ربّما كان السّقوط لأنّ الاستعصاء مفض الى تعذّر استقباله ، فلا تكون فيها دلالة على أحد الأمرين.
قوله : ( المطلب الثّالث : المستقبل.
ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة ، فإن جهلها عوّل على ما وضعه الشرع أمارة ).
هذا خاص بالبعيد ، أمّا القريب الّذي يمكنه المشاهدة فإنّه تتعيّن عليه المشاهدة لتحقق المحاذاة ، ومتى تحققها كفاه ذلك وإن صلّى من وراء حائل كالجدران والجبل ، ولا يكفيه ظنّها إذا أمكنه العلم بصعوده نحو الجبل مثلا ، ما لم يلزم منه مشقة كثيرة في العادة ، أو تضيّق الوقت.
والحجر من البيت فيكفي استقباله.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ البعيد إن علم الجهة قطعا ، أو تمكّن منه تعيّن عليه استقبالها ، ولا يجوز الاجتهاد حينئذ ، كما أنّ القادر على العمل بالنّصّ في الأحكام لا يجوز له الاجتهاد لإمكان الخطإ ، فعلى هذا لو تمكّن من القطع بنفس الجهة بمحراب المعصوم ، لا يجوز له الاكتفاء بقبلة المسلمين الحاصلة بمحاريبهم وقبورهم لإمكان الخطأ في اليمنة واليسرة.