أحاديث البشير النذير .
وإذا كان تدوين السنّة الشريفة قد تعثّر شوطاً طويلاً عند أبناء العامّة من المسلمين ، ومن بعد ذلك دوّنت تحت ضغوط وتأثيرات الحكّام والسلطات ، فإنّ التدوين عند الإمامية اتّخذ شكلاً مستقلّاً عن الحكومات ، وفي وقت مبكّر من عصر الإسلام .
ولذلك نجد بصمات الاستقلال ـ وعدم التأثّر بالمؤثّرات الحكوميّة والسياسية والعنصرية والعصبية القبليّة ـ واضحة المعالم في مدوّنات الإماميّة للسنّة الشريفة ، كما نلمس بوضوح آثار منقولات أهل البيت عن رسول الله صلىاللهعليهوآله دون المنقولات عمّن لا يمتّ للتدوين بصلة إلّا بنحو بعيد وبعد زمان متطاول .
فقد حرص أئمّة أهل البيت بدءاً من الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وانتهاءً بالإمام الحجة بن الحسن عليهالسلام ، علىٰ نقل أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآله وسنّته علىٰ وجهها التامّ دون أيّ تغيير ، بل جهدوا في بيان وتصحيح التحريفات والانحرافات والتصحيفات وسوء الفهم الّذي وقع عند عامة المسلمين ، ففهموا الأحاديث علىٰ غير وجهها الصحيح .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرىٰ فإنّ أئمة آل محمّد عليهمالسلام وضعوا قواعد وقوانين إسلامية ثابتة لمعرفة الحديث ، صحيحه من سقيمه ، والمعوّل عليه من المطرّح ، وما صدر فعلاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وما تقوِّل فيه عليه .
وقد تمخّض ذلك المسير العلميّ الطويل عن بروز أربعمائة أصل من الأصول المعوّل عليها إجمالاً في الأحاديث النبوية التي نقلها أهل البيت للمسلمين ، ومن ثمّ تناقلتها عنهم الأجيال .