المصطلح الأصولي « بالتعارض البدوي » أو « التعارض غير المستقر » ، وهذه ميزة انفرد بها الاستبصار من بين الكتب الأربعة ، وله قدم السبق في هذا الميدان من بينها .
ولا نكاد نبتعد عن الصواب إذا قلنا أنّ لتأخر الشيخ الطوسي عن سابِقَيه ، وتأخّر الاستبصار عن التهذيب ، دوراً فاعلاً في نضوج فكرة التأليف ، وتقدّم هذه المدوّنة ـ المتأخّرة زماناً ـ خطوة أو خطوات إلىٰ الأمام من حيث النضوج العلمي ، فالكافي والفقيه والتهذيب كلها لم تضع في منهجها طريقة الجمع بين المختلف من الأخبار بالدرجة الأساسيّة ، فإن جاء شيء من ذلك فيها كان عرضيّاً ومن فيوضات الأقلام الشريفة لمؤلّفيها ، بخلاف كتاب الاستبصار الّذي جعل جُلّ همّه وغاية سعيه إلىٰ حلّ ما اختلف من الأخبار الواردة عن أهل البيت والخروج بنتيجة فقهيّة ، بعد الفراغ من النتيجة الترجيحية لرواية علىٰ أخرىٰ أو لطائفة من المرويّات علىٰ طائفة أُخرىٰ .
كلّ هذا من حيث نفس منهجيّة الكتاب ، ومن حيثية أخرىٰ نرىٰ أهميّة هذا الكتاب من خلال عبقريّة مؤلّفه وإلمامه الواسع بمرويّات أهل البيت عليهمالسلام ، ومن خلال كونه شيخَ الطائفة وفقيهها في زمانه ، وقد عرف واشتهر ـ بحقّ ـ بصواب استنباطاته وعلميّته الفائقة في تشخيص مرادات المعصوم من المرويّات ، حتّىٰ أنّ آرائه ما زالت حتّىٰ اليوم شاخصة للعيان ينهل منها كلّ فقيه ، ويستفيد منها كلّ عالم ، فلا تضع يدك علىٰ كتاب من كتب الفقه الإماميّ إلّا وتطالعك آراء الشيخ الطوسي شامخة ، موضوعة موضع الاحترام ـ أخذاً وردّاً ـ من قبل الأعلام .
كلّ هذه الأمور مجتمعة تجعل لكيفيّة الجمع بين مختلفات الأخبار