المطلب الثاني : في الأحكام :
ليس للبائع تكليف مشتري الثمرة القطع قبل بدو صلاحها ، إلاّ أن يشترطه ، بل يجب عليه تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا بالنسبة إلى جنس الثمرة ، فما قضت العادة بأخذه بسرا اقتصر على بلوغه ذلك ، وما قضت بأخذه رطبا أو قسبا أخّر إلى وقته ، وكذا لو باع الأصل واستثنى الثمرة وأطلق وجب على المشتري إبقاؤها.
ولكلّ من مشتري الثمرة وصاحب الأصل سقي الشجر مع انتفاء الضرر.
______________________________________________________
قوله : ( بل يجب تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا بالنسبة إلى جنس الثمرة ).
في حواشي شيخنا الشهيد : أنّ قوله : ( عرفا ) جواب سؤال مقدّر ، تقديره : أن الأجل إذا كان مجهولا أخلّ بصحة البيع ، فكيف تجب التبقية إلى أوان أخذها وهو غير معلوم؟ وجوابه : أنّ ذلك معلوم عرفا فانتفت الجهالة ، كذا قال.
والسؤال غير وارد ، لأنّ هذا ليس أجلا في عقد البيع لا بالنسبة إلى الثمن ولا الى المثمن ، وإنما هذا أمر مترتب على عقد البيع وثبوته ، فهو من مقتضيات المعاوضة لا أجل في نفس المعاوضة ، فإذا ثبت البيع وانتقل المبيع إلى المشتري ثبت له حينئذ استحقاق التبقية ، فلا تضر جهالة أجل الإبقاء ، لأنّ ذلك حق خارج عن نفس المعاوضة ، على أنه لو كان الأجل في نفس المعاوضة لم يكن ما ذكره رافعا للجهالة ، فإنه لا يجوز تأجيل أحد العوضين إلى أوان أخذ الثمرة عرفا.
وأجاب بجوابين آخرين ، أحدهما : أنّ هذا الأجل ليس مقصودا في المعاوضة ، وإنما عرض إرفاقا بالمتعاوضين بعد تمام العقد ، وليس بعيدا مما قلناه وإن لم تكن عبارته صريحة فيه.