وتراب معدن أحد النقدين يباع بالآخر احتياطا ،
______________________________________________________
بصرفه بين الناس ، لانتفاء الغش إذا كان معلوما ، وعلى ذلك دلت رواية محمد ابن مسلم عن الباقر عليهالسلام (١) وصحيحته أيضا عن الصادق عليهالسلام (٢) ، فان جهل صرفه بين الناس فلم يعلم مقدار ما فيه من الصافي وجب إبانته ، وإلا كان غشا محرما ، ولصحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليهالسلام (٣) وغيرها (٤).
إذا عرفت ذلك فالمراد من ( إبانته ) : إظهار حاله بحيث يتبين ، فهل يكفي فيها أن يقول : هذا مغشوش أم لا بد أن يقول : فيه من الفضة كذا ، ومن النحاس كذا؟ لا أعلم في ذلك تصريحا بشيء ، والمتجه أنه إن كان يباع بجنس ما فيه من الجوهر لا بد من الإبانة ، ليعلم السلامة من الربا.
وإن بيع بغير جنسه كفى قول : انّ فيه غشا ، لأنّ ذلك لو منع لمنع فيما إذا كان قدر الغش مجهولا ، وقد أطلقوا جواز بيعه حينئذ بغير الجنس والجهالة ، وإن كان السابق الى الفهم منها جهالة كل من البائع والمشتري ، إلا أنها تصدق مع جهالة أحدهما ، ولأنها إن منعت منعت حيث وجدت.
ولا يخفى أنّ الغش المعتبر هو ما يكون له قيمة دون ما يستهلكه ، كما نبه عليه في التذكرة (٥).
قوله : ( وتراب معدن أحد النقدين يباع بالآخر احتياطا ).
أي : يجب في بيعه كونه بالنقد الآخر أو بمخالفهما بطريق أولى ، لأنه إذا جاز بيعه بالنقد الآخر فبالمخالف يكون أبعد ، والمراد بقوله : ( احتياطا ) أن وجوب ذلك للاحتياط في التحرز من الربا. ولو بيع بوزنه من النقد المجانس له فالظاهر عدم الجواز ، لأنّ ما فيه من التراب لا قيمة له ، فيبقى الزائد في المقابل بغير عوض.
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١٨٤ حديث ٨٣١ ، التهذيب ٧ : ١٠٨ حديث ٤٦٥ ، الاستبصار ٣ : ٩٦ حديث ٣٣٢.
(٢) الكافي ٥ : ٢٥٣ حديث ٢ ، التهذيب ٧ : ١٠٩ حديث ٤٦٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ حديث ٣٣٤.
(٣) الكافي ٥ : ٢٤٩ حديث ٢١ ، الفقيه ٣ : ١٨٥ حديث ٨٣٦ ، التهذيب ٧ : ١٠٩ حديث ٤٦٨.
(٤) التهذيب ٧ : ١٠٩ حديث ٤٦٦ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ حديث ٣٣٣.
(٥) التذكرة ١ : ٥١٢.