ولو أحال من له عليه طعام من سلم بقبضه على من له عليه مثله من سلم ، فالأقوى الكراهية ، وعلى التحريم يبطل ، لأنه قبضه عوضا عن ماله قبل أن يقبضه صاحبه ،
______________________________________________________
قوله : ( ولو أحال من له عليه طعام من سلم بقبضه على من له عليه مثله من سلم ، فالأقوى الكراهية ).
المنع من ذلك يتوقف على كون الحوالة بيعا ، وانّ بيع ما لم يقبض ممنوع منه ، وكل من الأمرين منتف ، فإنّ الحوالة استيفاء ، لما فيها من معنى التحويل ، وبتقدير أن تكون معاوضة لا يتعين كونها بيعا ، ولو ثبت ذلك ، فبيع الطعام قبل قبضه مكروه لإحرام ، والأصح الكراهية.
فإن قلت : ما وجه الكراهية؟
قلت : التحرز مما هو مظنة التحريم ، والمحافظة على الخروج من الخلاف.
فان قلت : على هذا يكفي كون أحد المالين سلما ، إما المحال به ، أو المحال عليه فلم اعتبر فيهما معا كونهما سلما؟
قلت : لأن المنع إنما هو من بيع ما لم يقبض ، وإذا كان أحد المالين سلما دون الآخر لم يتعين ، لكونه مبيعا ، لإمكان اعتباره ثمنا ، إذ لا معين لأحدهما.
واعلم أن الباء في قوله : ( بقبضه ) متعلقة بقوله : ( أحال ) ، وكذا ( على ) في قوله : ( على من له عليه مثله ).
قوله : ( وعلى التحريم يبطل ، لأنه قبضه عوضا عن ماله قبل أن يقبضه صاحبه ).
أي : وعلى القول بتحريم هذه الحوالة يبطل ، لأن المحتال قبض المحال به عوضا عن ماله قبل أن يقبضه صاحبه ، وهذا يقتضي أن يكون بيع ما لم يقبض بناء على تحريمه باطلا ، وقد صرح في المختلف بخلافه (١) ، وكأنه بناه على أن النهي
__________________
(١) لم نجده في المختلف ، وقال السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٧١٤ : وحكى في جامع المقاصد عن المختلف أنه صرح بعدم البطلان ، وكأنه بناه على أن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ولكني لم أجد ذلك في المقام.