ولو أسلفه طعاما بالعراق لم يجب الدفع في غيره ، فان طالبه بالقيمة لم يجز على رأي ، لأنه بيع الطعام قبل قبضه ،
______________________________________________________
قوله : ( ولو أسلفه طعاما بالعراق لم يجب الدفع في غيره ).
لاختلاف البلدان في قيمة الطعام ، فربما كان في بلد المطالبة أعلى ، ولأن السلف إن اشترط فيه تعيين مكان التسليم فظاهر ، وإلا فإن الإطلاق منزل على التسليم في بلد العقد.
ويشكل ، بأنه ربما لم يكن مريدا الى بلد السلف ، أو أن المسلم إليه لا يوثق بعوده اليه والظفر به هناك ، بل ربما يكون قد هرب من المسلف ، فلم يظفر به إلا بعد مدة ، فيكون منعه من مطالبته مفضيا الى ذهاب حقه أبدا ، وطريقا إلى مدافعة الغريم عن أداء الحق دائما ، وذلك ضرر بيّن مع كون الدين حالا ، والاستحقاق له ثابت.
والتحقيق : أن يقال : له المطالبة به إن كان في موضع المطالبة مثل بلد السلف أو أدون ، وإن كان أكثر فله المطالبة بقيمة بلد السلم ، لتعذر المثل.
ولو أتاه برهن أو ضمين وتهيأ للمسير معه مع أول رفقة فالظاهر عدم وجوب الصبر ، لما فيه من الضرر ، وتأخير الدين الحال المستحق.
قوله : ( فان طالبه بالقيمة لم يجز على رأي ، لأنه بيع الطعام قبل قبضه ).
قد سبق أن بيع الطعام قبل قبضه مكروه ، فلا يكون ممنوعا منه ، مع أن دفع القيمة وإن كان معاوضة على الطعام فلا دليل على تحتم كونها بيعا.
ويمكن المنع بوجه آخر ، وهو أن القيمة لم يجر عليها عقد السلف ، ولم يدل دليل على استحقاقها ، إنما المستحق هو الطعام ، فان ثبتت المطالبة به فذاك ، وإلا فلا مطالبة بالقيمة.
ويمكن الجواب : أن الطعام قد حل ، والتقصير من المسلّم اليه ، حيث لم يحضره في مكان التسليم عند الحلول ، ولا مانع من التسليم الآن ، إلا أن كونه ليس