المطلب الثاني : في الأحكام : الجعالة جائزة من الطرفين ، فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل ولا شيء له ، لأنه أسقط حقه ،
______________________________________________________
قلنا : لما كانت الجهالة في الثوب باعتبار عدم تشخصه ، وشدة تفاوت افراده لم تغتفر جهالته ، بخلاف العبد المعين فإنه لتشخصه يتسامح بجهالة صفاته واحتماله الا على والأدون ، فإنه لا يقبل تعدد الذات والصفات إذ هي بحسب الواقع شيء واحد ، غاية ما في الباب أنه غير معلوم الآن ، لكنه معين في حد ذاته ، ومختار المصنف قوي ، وعلى هذا فيصح جعل صبرة معينة من الطعام وإن لم يعلم قدرها ، فتكفي المشاهدة بطريق أولى.
واعلم أن المصنف في التذكرة قال في آخر هذا البحث : وهو قريب من استئجار المرضعة بجزء من الرضيع الرقيق بعد الفطام (١). وفي إحياء الموات من هذا الكتاب قال : ولو قال : اعمل ولك نصف الخارج بطل ، لجهالة العوض اجارة وجعالة ، وهو يقتضي عدم جواز الجعالة مع جهالة الجعل مطلقا.
قوله : ( المطلب الثاني : في الأحكام ، الجعالة جائزة من الطرفين فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل ولا شيء له ، لأنه أسقط حقه ).
قد يقال : إنه لم يسقط حقه مطلقا ، وإنما أسقطه بالنسبة الى ما بقي ، فكيف لا يستحق لما مضى؟ ويقوى هذا الإشكال في العمل الذي تقابل أجزاؤه بالأجرة ، كبناء الحائط مثلا. وقد احتمل في التذكرة الاستحقاق لما مضى ، وكأن آخر كلامه يقتضي ترجيح الاحتمال (٢). ويقوى الاحتمال لو مات أو شغله ظالم وفاقا للدروس (٣) ، لكن ظاهره أن ذلك في نحو خياطة الثوب لا في نحو رد العبد.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٢٨٧.
(٢) التذكرة ٢ : ٢٨٨.
(٣) الدروس : ٣٠٦.