وأجرة المسكن إن احتاجت ومؤنة الرد على المالك وإن قلت ،
______________________________________________________
ما جزم به هنا قال في التذكرة (١) : إنه الأقرب ، وفرق بأمرين :
أحدهما : أن الوديعة أمانة ، وقول المستودع مقبول في الرد والتلف ، فلا معنى للإشهاد. ولا محصل لهذا ، لأن الإشهاد لخوف إنكار الوكيل ، فلا أثر لكون قول المستودع مقبولا في الرد والتلف ، ولو قال بدل المستودع : قول الوكيل مقبول في الرد والتلف لكان أوجه.
الثاني : ما ذكره هنا من أن الودائع حقها الإخفاء ، بخلاف قضاء الدين.
ويمكن الفرق بثالث ، وهو : أن المطلوب بقضاء الدين انقطاع مطالبة المدعين عن المديون وبراءة ذمته ، وذلك موقوف على الاشهاد ، والمطلوب في الوديعة إيصال الحق إلى مستحقه ، ويد الوكيل يد الموكل ، فكما لا يجب الاشهاد عند الدفع إلى المودع ، لا يجب عند الدفع إلى الوكيل ، بل ربما يقال : إن ذلك إن نافى الفورية عدّ به ضامنا.
واعلم أن في قول المصنف : ( فلا ضمان لو أنكر ) مناقشة ، لأنّا لو قلنا بالضمان وعددناه مقصرا أوجبناه على كل حال ، سواء أنكر ، أو أقرّ وامتنع من التسليم ، أو تلفت العين في يده ، فإنه على كل واحد من التقديرات يرجع على المستودع.
قوله : ( واجرة المسكن ـ إن احتاجت ـ ومؤنة الرد على المالك وإن قلّت ).
لأن الاستيداع وإن اقتضى وجوب الحفظ ، لكن ما جرت العادة ببذل المالك في مقابله مما يتوقف عليه الحفظ ، من اجرة المسكن ، وثمن العلف ، واجرة السقي إن كان له اجرة ، واجرة الراعي ونحو ذلك ، ولا يجب بذله من
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٢٠٦.