ج : لو أذن الولي للصبي في الإعارة جاز مع المصلحة.
______________________________________________________
فإن قيل : هذا لا يقتضي كونها إجارة فاسدة كما ذكره المصنف ، لأن هذا الحكم ثابت مع كونها عارية فاسدة ، والأصل في اللفظ كونه حقيقة ، والمجاز يحتاج إلى الدليل ، ومع ذلك فالعقود بالقصود ، فمع قصد العارية كيف يكون إجارة؟ فيكون عارية فاسدة ، وهو أحد وجهي الشافعية (١).
والتحقيق أن يقال : إن أراد المصنف بقوله : ( فهي إجارة فاسدة ) أنها كذلك من حيث المعنى لكون المنفعة مقابلة بعوض ، ومن حيث الحكم باعتبار وجوب اجرة المثل ـ إذ المالك لم يبذل المنفعة مجانا ، وامتناع معنى العارية هاهنا لانتفاء التبرع بالمنفعة الذي مدار العارية عليه ـ فهو حق.
وإن أراد أن لفظ العارية مراد به الإجارة البتة ، ولا يقع على هذا التقدير اسم العارية الفاسدة ، فليس كذلك ، ومن أين يعلم هذا والأصل في الاستعمال [ الحقيقة (٢) ] والعقود تابعة للقصود؟ نعم شبهه بالإجارة الفاسدة أكثر ، فلعل المصنف أراد هذا المعنى ، فيندفع الإشكال عن كلامه.
واعلم أن صاحب الشرائع (٣) ذهب إلى جواز الإجارة بلفظ العارية ، فإذا ضبطت المنفعة والعوض وقصد باللفظ الإجارة مجازا صح عنده ، إلا أنه بقصد الإجارة يخرج عما نحن فيه ، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.
قوله : ( لو أذن الولي للصبي في الإعارة جاز مع المصلحة ).
لا شك في الجواز مع المصلحة ، والعبرة حينئذ بإذن الولي لا بعبارة الصبي.
__________________
(١) كفاية الأخيار ١ : ١٨١.
(٢) لم ترد في « م » و « ق » ، وأثبتناها من الحجري والمفتاح ٦ : ٥٩ عن جامع المقاصد ، وهو الصحيح.
(٣) شرائع الإسلام ٢ : ١٧٩.