وقد نقل شيخنا قدسسره عن ابن إدريس في سرائره ، أنّه ذكرها في جملة الأحاديث المنتزعة من كتب المشيخة ، فنقلها من كتاب حريز ، وقال نقلاً من الكتاب المذكور : وقال زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : « إذا اغتسلت » إلىٰ آخر الرواية (١) .
ثم إنّ ابن إدريس ذكر أنّ كتاب حريز أصل معتمد ، وهذا يقتضي صحة الرواية . ومفادها كما ترىٰ تداخل الأغسال مع الاختلاف في الوجوب والندب ، والحقوق في الخبر لا يبعد تناولها للمندوب ، بل الظاهر من الرواية ذلك ، واحتمال كونه كلاماً مستقلاً لبيان تداخل الواجبة حيث إنّ السابق لتداخل الواجب والمندوب ممكن ، إلّا أنّه خلاف الظاهر .
وما قيل : من أنّ المراد بالواحد الوحدة النوعية . فالسياق يدفعه والاعتبار الصحيح يمنعه ، ولا يخفىٰ أنّ المستفاد من الرواية الاجتزاء (٢) بغسل واحد علىٰ تقدير الاختلاف في الوجوب والندب (٣) ، لا أنّ جميع المندوبات حاصلة مع غسل الجنابة ، فإنّ غسل النحر وعرفة لا يجتمعان ، وحينئذ فالمقصود في الخبر الاكتفاء بغسل واحد علىٰ تقدير التعدّد بأيّ وجه اتفق .
ويستفاد منه أنّ الاكتفاء بالغسل الواحد علىٰ تقدير وجوب الأغسال مع الاختلاف بطريق أولىٰ علىٰ قاعدة الأصحاب في مفهوم الموافقة ، إلّا أنّ فيه بحثاً قدمناه ، ولعلّ الأولىٰ الاستدلال علىٰ ذلك بالخبر من حيث قوله : « وإذا اجتمعت لله عليك حقوق » إلىٰ آخره . واحتمال أن يكون المراد
__________________
(١) المدارك ١ : ١٩٥ وهو في مستطرفات السرائر : ٧٥ .
(٢) في « فض » : الإجزاء .
(٣) في « فض » زيادة : الجميع .