الفصل الثالث : في الهبة ، وفيه مطالبان :
الأول : في أركانها وهي ثلاثة :
الأول : العقد ، ولا بد فيه من إيجاب : وهو اللفظ الدال على تمليك
______________________________________________________
قوله : ( الأول في أركانها : وهي ثلاثة ).
عدّ أركان الهبة ثلاثة : العقد ، والموهوب ، والقبض.
ولقائل أن يقول : إن عد الموهوب من أركان الهبة يناسبه عد الواهب والمتهب أيضا ، ولا يقال إن الإيجاب والقبول ـ اللذين هما العقد ـ إذا عدّا ركنا اغنى عن عد الواهب والمتهب كما لا يخفى.
لأنا نقول : فيغني عن عد الموهوب ، لأنه متعلقها.
وهنا كلام آخر ، وهو انه اعتبر في العقد الإيجاب والقبول والقبض ، وذلك يشعر بدخوله في مسمّى العقد ، ثم انه قد عده فيما بعد ركنا ثالثا ، وفيه مناقشة.
ويمكن أن يقال : إن قوله : ( ولا بد فيه ... ) أعم من أن يراد به الجزء والشرط ، لأن كلاّ منهما لا بد منه فيما هو جزء منه وشرط له.
ولا ريب أن القبض معتبر في العقد ، ولا ينافي ذلك عده ركنا في الهبة. وفيه نظر ، لأن الهبة إن كانت هي العقد فاعتبار القبض فيه ثم عده ركنا له تكرار محض ، مع انه غير صحيح في نفسه ، لأن القبض لا يستقيم عده ركنا للعقد ، لأن ركن الشيء داخل فيه والقبض خارج عن العقد ، لأنه الإيجاب والقبول.
ولا يستقيم عده شرطا له أيضا ، لأن الشرط لا بد من تقدمه على المشروط ومصاحبته إياه وان كانت أثره وهو المناسب فالقبض إنما يعتبر فيها على انه شرط والعقد سبب ، أو كل منهما جزء السبب ، فعلى كل تقدير لا يتجه ما ذكره المصنف.
قوله : ( العقد ، ولا بد فيه من إيجاب وهو اللفظ الدال على تمليك