ولا يصحّ تعليق العقد ، ولا توقيته ، ولا تأخير القبول عن الإيجاب
______________________________________________________
المهدي لمن حضر : هذه هديتي إليك.
وهل يشترط فيها الإيجاب والقبول والقبض؟ اختلف الأصحاب في ذلك ، فاختار المصنف هنا الاشتراط ، لأنها نوع من الهبة فيشترط فيها ما يشترط في الهبة ، ويلوح من كلامه في التذكرة عدم اشتراط الإيجاب والقبول ـ وان لم يصرح به ـ محتجا بأن الهدايا كانت تحمل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من كسرى وقيصر وسائر المملوك فيقبلها عليهالسلام ولا لفظ هناك (١) ، واستمر الحال على هذا من عهده الى هذا الوقت في سائر الأصقاع ، ولهذا كانوا يبعثونها على أيدي الصبيان الذين لا يعتد بعبارتهم. لا يقال إن ذلك كان إباحة لا تمليكا.
لأنا نقول : لو كان كذلك لما تصرفوا فيه تصرف الملاّك ، ومعلوم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتصرف فيه ويملكه غيره من زوجاته وغيرهن (٢) ، وقد اهدي له حلة فأهداها لعلي عليهالسلام (٣) ، وروي ان مارية القبطية أم ولده كانت من الهدايا (٤) ، (٥).
وهذا قوي متين ، ويؤيده أن الهدية مبنية على الحشمة والإعظام ، وذلك يفوت مع اعتبار الإيجاب والقبول وينقص موضعها من النفس ، ومطالبة المهدى اليه بالتمليك وسؤال الرسول هل هو وكيل فيه أم على تقدير اعتبار عبارته ، ونحو ذلك خروج عن مقصودها.
قوله : ( ولا يصح تعليق العقد ، ولا توقيته ، ولا تأخير القبول عن
__________________
(١) سنن الترمذي ٣ : ٩٦ حديث ١٦٢٤ ، مسند احمد بن حنبل : ٩٦.
(٢) طبقات ابن سعد ٨ : ١٨٨.
(٣) نيل الأوطار ٦ : ١٠٥.
(٤) طبقات ابن سعد : ١٣٤.
(٥) التذكرة ٢ : ٤١٥.