ولو أنكر القبض صدّق باليمين وإن اعترف بالهبة ، ولو أنكره عقيب قوله وهبته وملكته فكذلك إن اعتقد رأي مالك.
______________________________________________________
في هذا الباب التشبيه به لكان أولى.
واعلم أن المراد من قوله ( فكذلك ) الصحة هنا أيضا وإن كان السابق الى الفهم الصحة إجماعا ، لكنه لا يستقيم ، فإن في من باع مال مورّثه معتقدا بقاءه وجهين سبقا في البيع ، وكذا من أعتقه لو ظهر بطلان عتقه فيه وجهان ، وعبارة التذكرة في الهبة ترشد الى ذلك (١).
قوله : ( ولو أنكر القبض صدّق باليمين وإن اعترف بالهبة ).
لأن القبض ليس جزء مفهوم الهبة وإنما هو شرط صحتها ، وإنما الهبة الإيجاب والقبول. لكن قد سبق في أول الباب ان القبض ركن الهبة وركن الشيء جزء ماهيته ، إلاّ أن يقال أراد بالركن ما هو أعم من الجزء والشرط مجازا ، فإن الشرط مشبه للركن في انه لا بد منه.
قوله : ( ولو أنكره عقيب قوله : وهبته وملّكته فكذلك إن اعتقد رأي مالك ).
لما كان رأي مالك حصول الملك في الهبة بمجرد العقد من دون قبض (٢) ، كان إقرار من يعتقد هذا الرأي بالهبة والتمليك غير مستلزم لحصول القبض المقتضي للملك عندنا ، لأنه ربما كان إقراره بذلك اكتفاء بحصول العقد في ثبوت الملك نظرا الى مقتضى مذهبه ، ومثله ما لو جهل الحال فإن الأصل عدم القبض.
ولا يخفى أن هذا الرأي غير مخصوص بمالك ، فإن جمعا من أصحابنا يقولون : إن القبض شرط في لزوم الهبة لا في صحتها وانعقادها فيحصل الملك بدونه ، ومنهم
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٤٢١.
(٢) بداية المجتهد ٢ : ٣٢٩.