ولو قال : إن شهد لك صدقته ، أو لزمني ، أو أديته لم يكن مقرا.
______________________________________________________
الرابع : أن يقال إما أن يكون المال ثابتا أو لا ، والثاني باطل ، لاستلزامه كذب الشاهد على تقدير الشهادة لأنه خبر غير مطابق ، لكنه حكم بصدقه على تقديرها وهذا خلف فتعيّن الأول ، وعورض بأمرين :
أحدهما : التعليق ، فإنه حكم بصدقه المقتضي لشغل الذمة إن شهد ، والتعليق مناف للإقرار فكان كقوله : لك كذا إن قدم زيد. ويمكن الفرق بأن هذا تعليق محض ، بخلاف ما نحن فيه فإنه بيان لحكم الشهادة على تقدير وقوعها.
الثاني : انه ربّما كان اعتقاد المخبر امتناع الشهادة من الشخص المذكور ، لامتناع الكذب بالنسبة إليه عادة ، فيريد أن ذلك لا يصدر منه ، ومثله في محاورات العوام كثير ، يقول أحدهم : إن شهد فلان أني لست لأبي فهو صادق ، ولا يريد سوى ما قلناه ، للقطع بعدم تصديقه على كونه ليس لأبيه مع أن الأصل براءة الذمة.
وفصّل المصنف في التذكرة فقال : الأقرب انه إن ادعى عدم علمه بما قال ، وان المقر له لا يستحق عنده شيئا ، وانه توهم ان فلانا لا يشهد عليه وكان ممن يخفى عليه ذلك قبل قوله على التعليق وإلاّ ثبت (١) ، والأصح عدم اللزوم.
قوله : ( ولو قال إن شهد لك صدقته ، أو لزمني ، أو أديته لم يكن مقرا ).
أما الأول ، فلأن غير الصادق قد يصدق فلا يلزم من تصديقه إياه صدقه ، وأما الثاني ، فلأن الحق لا يلزم بشهادة الواحد فيكون الحكم باللزوم معلوم البطلان.
فان قيل : أي فرق بينه وبين إن شهد فلان فهو صادق؟
قلنا : الفرق ان حكمه بصدقه إخبار عن الواقع وما في نفس الأمر ، لأن الصدق والكذب بحسب نفس الأمر ، بخلاف لزمني فإن اللزوم قد يراد به اللزوم
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٤٥.