ثم إمّا أن يترك في يد المقر ، أو القاضي.
______________________________________________________
قوله : ( ثم إمّا أن يترك في يد المقر أو القاضي ).
ظاهر هذه العبارة تخيير القاضي بين الأمرين ، وهو الذي صرّح به في التذكرة (١) ، والّذي فهمه الشارح الفاضل أنّ ذلك ترديد بين القولين (٢).
ووجه الأول : إنّ الأصل في يد المسلم أن لا تكون يد عدوان ، وربما كانت يد استحقاق فلا يجوز الانتزاع من يده ، لأنّ ذلك فرع كونها بغير استحقاق وهو خلاف الأصل.
وفيه نظر ، لأنّ الاستحقاق خلاف الأصل ، كما أنّ العدوان خلاف الأصل ، لتوقف كل منهما على سبب يقتضيه والأصل عدمه ، مع أصالة براءة الذمّة المقتضي لعدم العدوان ، واليد الشرعية أعم من استحقاقها الإدامة وعدمه ، لإمكان حصول المقر به في يد المقر بوجه حسبة كالتخليص من يد ظالم ، وإطارة الريح الثوب الى داره ، ومثل هذا لا يقتضي الإبقاء في يده ، والأصل عدم ما يقتضي أمرا زائدا.
ووجه الثاني ، أنّ القاضي هو ولي الغائب والمتولي لحفظ المال الضائع والمجهول المالك ، وهذا في حكم الضائع والمجهول المالك فينتزعه ويسلّمه إلى أمينه. والظاهر أنّ مختار التذكرة لا يخرج عن الثاني ، لأنّ تخييره بين الأمرين يقتضي جواز الانتزاع وهو خلاف الأول ، وكيف كان فالثاني أصحّ. ولا ريب إنّه ورأى إبقاءه في يد المقر صلاحا أبقاه في يده.
وفي شرح الإرشاد : أنّها تبقى في يد المقر إن قبلنا رجوعه ، لأصالة بقاء يده ، ولإمكان أن يدعيها فيثبت له. وفيه نظر ، إذ لا أصل يرجع إليه في إدامة يده كما بيناه ، وإمكان دعواه ملكيتها بعد ذلك وقبولها منه لا يقتضي استحقاق الإدامة الآن ، إذ
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٤٩.
(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٤٣٥.