ويصحّ من الكافر ،
______________________________________________________
قوله : ( ويصح من الكافر ).
هذا مناف لما سبق من اشتراطه في الوقف التقرب ، إلاّ أن يريد به كونه ممّا يتقرب به فيصح حينئذ وقف الكافر إذا كان في نفسه قربة.
لكن يرد أنّ المصنف جوز صدور الوقف من الكافر على نحو البيع والكنائس لا على نحو بيوت النيران محتاجا بأنّ الأول بيت عبادة لله سبحانه بخلاف الثاني ، مع أنّه قد تقرر أنّ الوقف عليها معصية ، وكأنّه نظر الى تأثير اعتقاد الواقف ففرّق بين المسلم والكافر في ذلك وفي الفرق نظر ، لأنّ ذلك لو أثّر لأثّر بالنسبة إلى الوقف على بيوت عبادة النيران.
اعلم أنّه قد سبق في كتاب الجهاد عند بحث البيع والكنائس : إنّه لا تصح وصية الكافر ببناء بيعة أو كنيسة ، ولا يخفى أنّ الحكم بصحة وقف الكافر عليهما مناف لما هنا.
ثم اعلم أنّ المراد بالصحة : ان كان هو الصحة عندهم فلا وجه لما ذكره والبحث عنه ، لأنّ البحث إنّما هو عن أحكام الإسلام ومع ذلك لا فرق بين الوقف والوصية للبيع والكنائس وغيرهما ، نظرا الى معتقد الواقف والموصي.
وإن كان المراد عندنا فيشكل ذلك ، لأنّ الحكم بصحته عندنا يقتضي تنفيذه ، وإلزام الوارث والوصي وناظر الوقف بالصرف إلى الوصية والموقوف عليهم لو امتنعوا ، وذلك محرّم ومنكر فكيف يجوز لحاكم الإسلام الإلزام بتنفيذه؟.
وإن حمل على أنّ المراد : أن لا نعرض إليهم فيه فهو خروج عن حقيقة الصحة إلى المجاز ، ومع ذلك فلا يفرّق بين الوقف والوصية ، ولا تكون المسألة على ذلك ذات قولين ، فإنّه القائل بعدم الصحة لا يمكنه أن يريد بها منع الكافرين من صرف الموصى به والموقوف على البيع والكنائس من الكافر حيث لا يقر أهلها عليها ، والقائل بالصحة لا يمكنه أن يريد بها الإلزام بالتنفيذ شرعا من الحاكم إذا رفع الأمر