ثم إن كان مسجدا فهو فك ملك كالتحرير ، وإن كان على معيّن فالأقرب أنّه يملكه ، وإن كان على جهة عامة فالأقرب أن الملك لله تعالى.
______________________________________________________
والذي يدل على انتقال الملك أن الوقف سبب قطع تصرف الواقف في الرقبة والمنفعة أبدا فوجب أن يزول به الملك كالعتق ، ولما سيأتي إن شاء الله تعالى من الدلائل الدالة على انه ينتقل الى الموقوف عليه مع تشخصه ، ولا قائل بالفصل. قال في التذكرة : وفائدة الخلاف أنا إذا حكمنا ببقاء ملكه لزم مراعاته والخصومة فيه (١).
قوله : ( ثم إن كان مسجدا فهو فك ملك كالتحرير ، وإن كان على معيّن فالأقرب انه يملكه ، وإن كان على جهة عامة فالأقرب ان الملك لله تعالى ).
أشار بقوله ( ثم ) على أن هذا البحث إنما يستقيم بعد ثبوت زوال ملك الواقف وتحقيقه : انه بعد تحقق زوال ملك الواقف لا يخلو : إما أن يكون الموقوف مسجدا أو غيره ، وذلك الغير : إما أن يكون على معيّن مشخص ، أو على جهة عامة لربط الوقف بمنتشرين غير محصورين.
فإن كان مسجدا فوقفه عبارة عن فك ملك كتحرير العبد ، ومن ثم لا يشترط فيه القبول من الحاكم ولا من غيره ، ولا يشترط القبض من الحاكم بل كل من تولاّه من المسلمين صح قبضه. ويعتبر في قبضه الصلاة للقبض مع الاذن كما سبق ، ولا يكفي فيه التخلية إلاّ أن يقع ذلك من الحاكم على الأقرب ، وقد سبق بيان ذلك كله.
وكذا المقبرة ، وليس كذلك الوقوف على الجهات العامة ، لما عرفت من اشتراط قبض القيّم إياها ، واعتبار القبول على وجه. إذا تقرر هذا فمراد المصنف بقوله : ( فهو فك ملك كالتحرير ) الفرق بينه وبين الوقف على الجهة العامة بما قلناه ، وأما الملك فالظاهر انه ينتقل الى الله تعالى في الموضعين.
ويحتمل أن يريد بتشبيهه بالتحرير زوال الملك أصلا وصيرورته كسائر ما ليس بمملوك ولا يقبل الملك كالمعتق. ويشكل بأنه لو كان كذلك لم يشترط فيه
__________________
(١) التذكرة.