قد علمت حال التوجيه.
أمّا ما اعتبره جماعة من عدم اشتراط التوالي في العشرة. فممكن لو ثبت الحكم ، إلاّ أن يقال : إنّ ما تضمّن العشرة في البلد تضمّن العشرة المنويّة ، ولا ريب في اعتبار التوالي في العشرة المنوية ، فيبعد عدم اعتبارها في عشرة البلد ، إلاّ أن يقال : إنّ التوالي في المنوية إن أُريد به حال النيّة فمسلّم ، ولا ينفع ولا يضرّ ، ولو أُريد به ما يتناول السفر في أثنائها مع العود إلى نيّة الإقامة بحيث يتمّ عشرة فلا فرق.
نعم لا يخفى أنّ المكاري ونحوه إذا كان فرضه التمام فنيّة إقامة العشرة متوالية لا فائدة فيها ، ولو دلّ عليها دليل أمكن أن يقال بالتسليم تعبّداً ، لكنّ النص إن عمل به يتضمّن مطلق الإقامة عشرة.
وما ذكره البعض في إقامة العشرة لغير المكاري وأنّ الحكم فيه مثله (١).
ففيه : أنّ الحكم في غير المكاري لا يخلو من تأمّل في نظري القاصر ؛ لأنّ قصد المسافة في الأثناء إذا كان بعد صلاة الفريضة التامة لا يُؤثّر ، نعم الخروج إلى المسافة ربما يؤثّر لكن عدم اشتراط التوالي مع هذا الشرط يفيد نوع إشكال يرجع إلى أنّ الخروج إلى ما دون المسافة في العشرة والرجوع إلى محلّ الإقامة يتوقّف على نيّة الإقامة ثانياً في الجملة ، والاحتياج إلى نيّة الإقامة ثانياً إنّما هو لتحقّق قصد المسافة.
وما ذكره جدّي قدسسره من الفرق بين مقابلة المحلّ الذي خرج إليه من موضع الإقامة لمقصده بعد الخروج من المحل وعدمها ، فينوي الإقامة في الأوّل دون الثاني (٢). محلّ تأمّل ، إلاّ أن يقال بعدم تحقّق السفر إذا كان غير
__________________
(١) كالمحقق في الشرائع ١ : ١٣٤ ، والمعتبر ٢ : ٤٧٣.
(٢) مسالك الافهام ج ١ : ٥٠.