وقعت بين من كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصحابة وبين الصحابة وبين عبدالله بن أبي وكانوا اذ ذاك كفّاراً فكيف ينزل فيهم طائفتان من المؤمنين؟
ولا سيما ان كانت قصة أنس وأسامة متحدة ، فان في رواية أسامة فاستبّ المسلمون والمشركون ، قلت : يمكن ان يحمل على التغليب ، مع ان فيها اشكالاً من جهة اخرى ، وهي أن حديث أسامة صريح في ان ذلك كان قبل وقعة بدر وقبل أن يسلم عبدالله بن أبي وأصحابه ، والآية المذكورة في الحجرات ونزولها متأخر جدّاً وقت مجيء الوفود لكنه يحتمل ان يكون آية الاصلاح نزلت قديماً فيندفع الاشكال (١).
أقول : أما احتمال التغليب فممّا لايرضى به اللبيب الأديب ، اذ لم يقع توصيف الكفار العابدين للاصنام بالايمان ولو على سبيل التغليب في نظم ولا أثر ولا حديث ولا آية تحققت هذه الكلمة فيها ، ولم يجوزه أحد من العلماء ، ولا شاهد على جوازه ، ولو رفعنا اليد عن ظواهر الآيات والاخبار بمجرد الاحتمالات البعيدة التي لا شاهد عليها ولا داعي إليها ، لاندفع الامان من جميع النصوص وانقلبت الشريعة ظهراً لبطن.
وتصديق البخاري ليس بداع عقلي ولا ديني مع ما علم من حاله وسائر رواياته.
وأما احتمال تعدد النزول فهو مما لا يرضى به أكابرهم ولا يزالون يشنعون على علماء الامامية في قولهم في بعض الآيات أنها وردت في كذا بأنها
__________________
١. فتح الباري كتاب الصلح ٥ : ٢٢٨.