وقبول بعد الموت ، ولا أثر له لو تقدّم.
______________________________________________________
وصحة الوصية بملّكت ثابتة ، فكذا وهبت لكونه بمنزلته. ويحتمل العدم ، لانتفاء دلالة اللفظ على هذا المعنى لغة وعرفا ، بل الهبة والوصية متباينتان فلا تقع إحداهما على الأخرى ، بخلاف ملّكت الذي هو كالجنس للوصية.
والمتجه أن يقال : إن وجدت قرينة حالية أو مقالية تدل على إرادة الوصية بلفظ الهبة تعيّن الحمل على الوصية ، لأن غايته أن يكون مجازا ولا يمتنع ذلك في الوصية ، وإلاّ فإن وجد للفظ نفوذا في موضوعه ، وصدر على وجه حقه أن يمتنع اعتبار التفسير من المالك ، لوقوع القبول والقبض بالإذن من ذي الرحم ، المقتضي لخروج العين عن ملكه على وجه اللزوم لم يلتفت إلى قوله ـ ما يخالف ذلك ـ وبدون ذلك فالوجه قبول تفسيره ، لبقاء سلطنته على العين ، فيقبل قوله في قصده باللفظ الصادر عنه.
قوله : ( وقبول بعد الموت ، ولا أثر له لو تقدم ).
لما كانت الوصية عقدا اعتبر فيها مع الإيجاب القبول كسائر العقود ، إلاّ أن يكون الموصى له غير معيّن كالفقراء وبني هاشم ، أو تكون الوصية في مصلحة كنحو مسجد وقنطرة. ثم إن أصح القولين للأصحاب عدم اعتبار القبول لو وقع في حال الحياة ، لأن الإيجاب في الوصية إنما تعلّق بما بعد الوفاة ، لأنها تمليك بعد الموت ، فلو قبل لم يطابق القبول الإيجاب.
فإن قيل : المراد قبوله التمليك بعد الموت.
قلنا : ما قبل الموت لما لم يكن متعلق الإيجاب وجب أن لا يعتد بالقبول الواقع فيه ، كما لو باعه ما سيملكه فقيل ، ولأن القبول إما كاشف أو جزء السبب ، وعلى كل تقدير يمتنع اعتباره قبل الموت ، أما إذا جعل كاشفا ، فلأن الكاشف عن الملك يجب أن يتأخر عنه ويمتنع الملك قبل الوفاة ، وأما إذا جعل جزء السبب ، فلأنه إذا تم العقد وجب أن يترتب عليه أثره ، وهو هنا ممتنع قبل الموت.
ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون الموت شرطا لحصول الملك بالعقد ،