______________________________________________________
قلنا : لا يلزم من عدم الملك عدم الحق أصلا.
وأيضا فإنه لو لم يكن لهم حق لانحصر الحق كله في الموصي ، وهو باطل ، ومع ثبوته فهم مسلطون على إسقاطه كسائر الحقوق. وقد روى منصور بن حازم في الصحيح ، ومحمد بن مسلم في الحسن كلاهما عن الصادق عليهالسلام : في رجل أوصى بوصية وورثته شهود فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية ، هل لهم أن يردوا ما أقروا به في حياته؟ قال : « ليس لهم ذلك ، الوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته » (١) ، وادعى الشيخ على ذلك إجماعنا (٢).
احتج الآخرون بأنها أجازه فيما لا يستحقونه بعد فجرى مجرى ردهم حينئذ.
أجاب المصنف بأنه لو لا تعلق حق الوارث لم يمنع المريض. والفرق بين الإجازة والرد ظاهر ، فإن الرد إنما لم يعتبر حال حياة الموصي ، لأن استمرار الوصية يجري مجرى تجددها حالا فحالا ، بخلاف الإجازة فإن الدوام يؤكدها.
والحاصل ان الرد لما لم يكن مانعا من إنشاء الوصية لم يكن معتبرا ، بخلاف الإجازة فإنها إسقاط لحق قد ثبت ، ودليل الثبوت ما سبق ، ولا يتوقف الثبوت على حصول الملك.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ المفهوم من عبارة الأكثر ومن استدلالهم ، أن هذا الحكم إنما هو فيما إذا أجاز الوارث وصية المريض وما في حكمها.
أما وصية الصحيح فمقتضى قولهم : أنّ الوارث بالإجازة أسقط حقه ان إجازته حينئذ لا تؤثر ، إذ لا حق له. والمصنف في التحرير عمّم الحكم في الإجازة للوصية حال المرض والصحة (٣) ، وعموم الرواية الحاصل من ترك الاستفصال يتناوله ، وكل منهما
__________________
(١) الفقيه ٤ : ١٤٨ حديث ٥١٣ ، التهذيب ٩ : ١٩٣ حديث ٧٧٦ ، الاستبصار ٤ : ١٢٢ حديث ٤٦٥.
(٢) الخلاف ٢ : ١٧٩ مسألة ١٤ كتاب الوصايا.
(٣) تحرير الأحكام : ٢٩٤.