ولو اوصى بثلثه لزيد ، وبثلثه لعمرو ، كان رجوعا على اشكال ،
______________________________________________________
يتبادر إلى الفهم منه إلاّ الربع الذي هو خارج عن الثلث ، وكذا السدس.
قوله : ( ولو اوصى بثلثه لزيد وبثلثه لعمرو كان رجوعا على اشكال ).
أي : لو قال : أوصيت بثلثي لزيد ، ثم قال : أوصيت بثلثي لعمرو ، ومنشأ الإشكال من أن الإنسان لا يستحق من ماله عند وفاته إلاّ ثلثه ، فإذا أوصى بالثلث مضافا إليه ، ثم اوصى كذلك كان الموصى به ثانيا هو الموصى به أولا ، فتكون الوصية الثانية رافعة للأولى وناسخة لها ، وهو مختار الشيخ في المبسوط والخلاف (١) ، واختاره ابن إدريس (٢).
ومن ان كل واحدة منهما وصية يجب تنفيذها ، ولا يجوز تبديلها مع عدم الزيادة على الثلث ، ولا دلالة في اللفظ على ان الموصى به ثانيا هو الموصى به أولا ، ولا على إرادة الرجوع بشيء من الدلالات. والإضافة تقتضي ذلك ، لأنه ما دام حيا فجميع التركة على ملكه ، وإنما يخرج عنه بعد الموت.
ويلوح من قول المصنف : ( ولو اوصى بثلثه ... ) أنه لو أوصى بثلث لزيد وبثلث لعمرو لا يكون رجوعا ، إذ ليس في اللفظ ما يدل على اتحاد الموصى به بوجه من الوجوه ، وليس كذلك ، بل فيه إشكال ، لأن الأصل في الوصية أن تكون نافذة ، فيجب حملها على ما يقتضي النفوذ بحسب الإمكان.
وإنما تكون الثانية نافذة إذا كان متعلقها هو الثلث الذي يجوز للمريض الوصية به فيجب حملها عليه ، كما يجب حمل إطلاق بيع الشريك النصف على استحقاقه ، حملا للبيع على معناه الحقيقي ، وحينئذ فيتحقق التضاد فتكون الثانية رافعة للأولى.
فإن قيل : كما أن الأصل في الوصية الثانية النفوذ ، كذلك الأصل في الوصية
__________________
(١) المبسوط ٤ : ٤٢.
(٢) السرائر : ٣٨٥.