______________________________________________________
كان منتفعا بها ، فالزائد من القيمة لا حق للوارث فيه ، فيكون للموصى له.
وقد يجاب : بأن الموصى له إنما يستحق المنافع مدّة حياة العبد ، فلذلك استحق الوارث العين مسلوبة المنافع ، أما عند الموت فقد انقطع حق الموصى له ، وانحصر الحق في الوارث كالعين المستأجرة إذا أتلفها متلف ، فإن المستأجر لا حق له في البدل ، بل يرجع إلى مقابل الفائت من المنفعة من الأجرة ، بخلاف ما لو استوفى المنفعة غاصب.
ويمكن المناقشة بأن حق الموصى له إنما ينقطع من العين إذا خرجت عن الانتفاع بها ، وذلك بعد الموت ، وعند تقويمها هي منتفع بها ، فيكون حق الموصى له متعلقا بها ، كما لو اتفق الموصى له والوارث على بيع العين ، فإن مقابل كون العين منتفعا بها حق للموصى له.
وأيضا فإن العين إنما قوّمت على الوارث على القول بتقويمها عليه بالقيمة الدنيا ، فكيف يستحق القيمة العليا؟ حتى ان الموصى لو أوصى بوصايا مع هذه الوصية ، فحكم ببطلان بعضها لزيادته على الثلث ، ثم قتل العبد الموصى بمنافعه بعد ساعة يلزم تقويم المنافع التي لم تصل ـ ولا عوضها ـ إلى الموصى له عليه ولا على الموصى.
وبعده عن الصواب ظاهر ، وجوابه أظهر ، فإن العين قد تقوّم بقيمة دنيا ، لكونها في معرض التلف أو نقص منفعة ، ثم يزول ذلك ، فلا يرجع على من قوّمت عليه بالزائد كالعبد المريض ، والذي في طريق خطر هو مظنة التلف إذا احتيج الى تقويمها في تلك الحالة ، فقومت بالقيمة الدنيا وانفصل الأمر ، ثم زال العارض بعد لحظة. وهاهنا كذلك ، لأن الموصى به في وقت الموت كانت قيمته قليلة بسبب استحقاق الموصى له منافعه مدة حياته ، ومدة الحياة غير معلومة فجاز أن تكون طويلة وأن يموت موتا ، فلذلك قلت قيمته ، فإذا اتفق قلة حياته ومات قتلا لم يتغير الحكم.
ولو أوصى بالمنافع مؤبدة لزيد ، وبالرقبة مسلوبة المنافع لعمرو فعرض القتل ، فإن القول باستحقاق عمرو جميع القيمة المقابلة للعين المنتفع بها بعيد عن الصواب.