______________________________________________________
( ولو لم تخرج فإن أراد الوارث بيع نصف الدار وترك النصف الذي أجره دينار ) وهو مقدار الوصية لم يكن له ذلك إلاّ برضى الموصى له ، لأن متعلق الوصية هو مجموع الدار كما أن متعلق إحدى المنفعتين الموصى بها جميع العبد ، فلم يكن لهم إبطال تعلق حق الموصى له بالبعض ، لما فيه من تبديل الوصية الممنوع منه. ولأنه لا يؤمن من نقص اجرة النصف عن الدينار ، باعتبار اختلاف الأحوال والأوقات فيلزم تضييع بعض حق الموصى له.
وموضع ذلك ما إذا أرادوا بيع البعض على أن تكون الغلة للمشتري ، فأما بيع مجرد الرقبة فقد قال في التذكرة : إنّه على الخلاف في بيع الموصى بمنفعته (١) ، وينبغي الجزم بالصحة هنا ، لأن المانع من الصحة لو سلم هو كون الرقبة مسلوبة المنافع فلا قيمة لها ، وذلك منتف هنا.
هذا إن خرجت الوصية من الثلث ، فأما إذا لم تخرج من الثلث ، وأطلق المصنف العبارة بعدم خروج الدار من الثلث توسعا واعتمادا على ظهور الحال ، إذ لا يخفى أن المعتبر خروجه من الثلث هو الوصية دون ما عداها ، وليس ذلك كالعبد الموصى بجميع منافعه مؤبدا ، لتخيل أن لا قيمة له بسبب أنه لا منفعة له.
وبقاء منفعة الدار في هذه الصورة ظاهر ، وحينئذ فإذا لم تخرج الوصية من الثلث نظر ، فما كان قدر التفاوت بين قيمته بدون الوصية ومعها الثلث من الدار فأبقى للوصية ، وما زاد عليه فللوارث التصرف فيه كيف شاء ببيع وغيره ، لأن له رقبة وغلة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن المصنف قد تسامح في قوله : ( وعليهم ترك الثلث ) ، كما تسامح في قوله : ( ولو لم تخرج الدار ) ، اعتمادا على ظهور المراد ، فإن الثلث المعتبر هو تفاوت ما بين القيمتين ، والمتروك هو متعلقة من الدار.
والضمير في قوله : ( فإن كانت غلته ) يعود إلى الثلث المذكور توسعا ، وحقه ان
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٥٠٦.