والحاصل : ان المصنف يرى أن اطلاق الضارب على من لم يكن متلبسا بالضرب فعلا وكان متلبسا في الزمان الماضي انما يكون بلحاظ حال تلبسه ، لا بلحاظه الفعلي بحيث يكون الاطلاق لمكان تعنونه فعلا بالعنوان لمكان صدور الضرب عنه في الزمان الماضي.
وبذلك يظهر : ضعف التمسك بآيتي السرقة والزنا اللتين تمسك بهما القائل بالأعم ، بتوهم ان المشتق في الآيتين انما استعمل في الأعم من المنقضى ، بل ربما يتخيل انه مستعمل في خصوص المنقضى ، حيث إنه بعد تحقق السرقة والزنا يحكم عليه بالقطع والحد ، لوضوح انه لولا تحقق الموجب للحد ، وانقضاء زمانه ولو آنا ما ، لا يحكم عليه بالحد من القطع والجلد.
ولكن لا يخفى عليه فساد التوهم ، لان المشتق في الآيتين لم يستعمل في المنقضى ، بل لا يمكن ان يكون مستعملا في ذلك ، لان المشتق انما جعل في الآيتين موضوعا للحكم ، ومن المعلوم : انه لا يعقل تخلف الحكم عن الموضوع ولو آنا ما ، والا لزم ان لايكون المشتق وحده موضوعا ، بل كان مضى الزمان ولو آنا ما له دخل في الموضوع ، والمفروض ان المشتق تمام الموضوع للحكم.
والحاصل : ان كل عنوان اخذ موضوعا لحكم من الاحكام فلا يخلو ، اما ان يكون اخذه لمجرد المعرفية من دون ان يكون له دخل في الموضوع ، واما ان يكون له دخل فيه. وهذا أيضا على قسمين ، لأنه ، اما ان يكون له دخل حدوثا وبقاء ، بحيث يدور الحكم مدار فعلية العنوان ، كما في مثل حرمة وطئ الحائض ، حيث إن الحرمة تدور مدار فعلية الحيض في كل زمان. وأخرى : يكون له دخل حدوثا فقط ، كما في عنوان السارق والزاني.
وفى كلا القسمين انما يكون الحكم بلحاظ التلبس ، ولا يمكن ان يكون بلحاظ الانقضاء ، لأن المفروض ان العنوان هو الموضوع للحكم ، فلابد ان يكون الحكم بلحاظ التلبس ، إذ لو اخذ بلحاظ الانقضاء يلزم ان لايكون العنوان تمام الموضوع ، بل كان مضى الزمان له دخل ، فيلزم الخلف.
وبالجملة : لا اشكال في أن السرقة والزنا علة للحكم بالجلد والقطع ،