النفس لحركة عضلاتها نحو المطلوب ، وفي التشريعي عبارة عن تصدى الآمر بأمره لحركة عضلات المأمور نحو المطلوب ، والا فمن حيث معنى الطلب لافرق بينهما ، وانه في كلا المقامين بمعنى التصدي.
وبما ذكرنا ظهر : ما في بعض الكلمات ـ من تقسيم الإرادة والطلب إلى الواقعي والانشائي ـ من الخلل ، لوضوح ان الإرادة من الكيفيات النفسانية الغير القابلة للانشاء ، إذ الانشاء عبارة عن الايجاد ، والإرادة غير قابلة لذلك فتأمل.
( الامر الخامس )
قد عرفت ان صيغة الامر ليست موضوعة للطلب ، ولا غيره من المعاني المذكورة لها ، بل انما هي موضوعة لايقاع النسبة بين المبدء والفاعل لدواعي : منها الطلب ومنها التهديد ومنها الامتحان ومنها غير ذلك. وليس الصيغة من أول الامر مستعملة في الطلب ، ولا المنشأ فيها مفهوم الطلب ، بل بها يوجد مصداق من الطلب إذا كان ايقاع النسبة بداعي الطلب ، دون ما إذا كان بداعي التهديد والسخرية.
نعم ، فيما إذا كان بداعي الامتحان يمكن ان يقال : انه طلب ، غايته ان صدق الطلب عليه ليس لمكان مطلوبية الفعل لمصلحة فيه ، بل لمكان بعث حركة عضلات العبد.
وبعبارة أخرى : المطلوب في الأوامر الامتحانية نفس حركة عضلات العبد لا نفس الفعل ، وعلى أي حال الامر في ذلك سهل.
انما الاشكال في طريق استفادة الوجوب من الصيغة ، بعد ما كان استفادة الوجوب منها مما لا اشكال فيه ، كما يدل على ذلك قوله تعالى : (١) « ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك » ، مع أن الامر كان بصيغته ، كما هو ظاهر قوله تعالى : فقعوا له ساجدين. وبالجملة : لا اشكال في استفادة الوجوب منها ، انما الاشكال في طريق استفادة الوجوب منها.
__________________
١ ـ سورة الأعراف الآية ١٢